زَمَنٌ يَغِيبُ وَآخَرٌ يَنهَارُ
إِلَّا زَمَانُكَ أَيُّهَا السِّنوَارُ
الأَرضُ مِثلُكَ مَا رَأَت حُرًّا؛
فَمَاذَا سَوفَ يَصنَعُ بَعدَكَ الأَحرَارُ؟
أَوجَدتَ تَارِيخًا نَقِيًّا
بَينَمَا قَد أَهلَكَت تَارِيخَنَا الأَوزَارُ
أَثبَتَّ أَنَّ المُستَحِيلَ يَهُونُ عِندَ مُجَاهِدٍ
حَبَلَت بِهِ الأَحجَارُ
فَكَأَيِّ أَرضٍ أَنتَ تُرهِقُكَ الجِرَاحُ
تُرِيدُ أَن تَنمُو بِهَا الأَزهَارُ
سَيَظَلُّ يَبتَسِمُ التُّرَابُ
إِلَى النِّهَايَةِ مِثلُ وَجهِكَ
لَم يُخِفهُ حِصَارُ
وَلِأَنَّكَ الطُّوفَانُ تُرعِبُهُم،
وَقَد رَكَعَت أَمَامَ حِذَائِكَ اَلأَسوَارُ
سَتَقُولُ لِلأَطفَالِ بُوصَلَةٌ تُشِيرُ إِلَيكَ:
أَنَّكَ لِلحَيَاةِ مَسَارُ
وَبِأَنَّكَ الأَنهَارُ لِلعَطشَى،
وَزَادُ الجَائِعِينَ،
وَلِلظَّلَامِ نَهَارُ
وَبِأَنَّكَ الشَّخصُ الوَحِيدُ فَعَلتَ مَا
لَم يَستَطِع فِي فِعلِهِ المِليَارُ
فَمِنَ المَسَافَةِ صِفرَ بَل أَدنَى
سَحَقتَ جُيُوشَهُم؛
وَالآنَ هُم أَصفَارُ
قَد قِيلَ هُم لَا يُقهَرُونَ،
وَأَنتَ أَنتَ قَهَرتَهُم؛ فُوكِيلُكَ القَهَّارُ
بَحَثُوا عَلَيكَ وَكُنتَ تَضحَكُ بَينَهُم،
ذِئبٌ وَهُم مِن حَولِكَ الأَبقَارُ
يَخشَونَ ذِكرَكَ،
يَرجِفُونَ إِذَا ظَهَرتَ
كَمَا يَخَافُ المُؤمِنَ الكُفَّارُ!
مَلِكٌ عَظِيمٌ فِي أَرِيكَتِهِ
تُزَيِّنُكَ اَلجِرَاحُ
وَيَكتَسِيكَ غُبَارُ
حُرَّاسُكُ القُرآنُ،
وَالشَّالُ الفِلَسطِينِيُّ،
وَالتَّسبِيحُ،
وَالأَذكَارُ
تَهتَابُكَ الدُّنيَا،
تُقَدِّسُكَ السَّمَاءُ؛
فَمَن سِوَاكَ دَنَت لَهُ الأَقدَارُ؟
لَمَّا (الدُّرُونُ) رَآكَ وَارتَجَفَت مَفَاصِلُهُ
ابتَسَمتَ وَكُلُّكَ استِكبَارُ
يُمنَاكَ تُسنِدُ مَا تَبَقَّى مِنكَ
وَاليُسرَى تُقَاوِمُ،
وَالحُرُوبُ غِمَارُ
مَن فِي دَقَائِقِهِ الأَخِيرَةِ يَستَرِيحُ،
وَأَنتَ كُلَّ دَقِيقَةٍ إِعصَارُ
وَكَأَنَّكَ الحُرُّ الوَحِيدُ بِهَـذِهِ الدُّنيَا،
وَكُلُّ العَالَمِينَ حِصَارُ
أَهدَى لَكَ الأَعدَاءُ مَا تَرجُوهُ،
نِلتَ شَهَادَةً
وَلَكَ الجِنَانُ دِيَارُ
لَم يَقتُلُوكَ
وَإِنَّمَا قُتِلُوا بِآخِرِ مَا رَمَيتَ
وَإِنَّهَا البَتَّارُ
مُتَوَاجَدٌ حَقًّا كَأَنَّكَ لَم تُفَارِقْنَا
وَكُلُّكَ هَيبَةٌ وَوَقَارُ
آمَنتَ أَنَّ الحُلمَ يُمكِنُ أَن يَكُونَ
فَكَانَ أَعظَمَ مَا تَرَى اَلأَنظَارُ
فَلتَسمَعِ الزَّيتُونَ يُخبِرُنَا بِأَنَّكَ مِثلُهُ
وَبِأَنَّكَ الصَّبَّارُ
فَالحَقُّ مَهمَا صَادَرُوهُ سَيُستَرَدُّ لِأَهلِهِ،
وَزَمَانُنَا دَوَّارُ
سَتَمُوتُ أَجسَادٌ وَتَبقَى فِكرَةٌ،
وَغَدًا سَتُثبِتُ نَفسَهَا الأَفكَارُ
فَلَقَد كَتَبتَ عَلَى جَبِينِ الدَّهرِ:
غَزَّةَ لَن يُدَنِّسَ طُهرَهَا استِعمَارُ.