الدَّربُ خاوٍ، ليسَ فيه جهاتُ
لا شيءَ إلَّا الشوقُ والعَبَراتُ
وغمامةٌ هَطَلَت بصَدري حِينَمَا
هاجَت به وأَهاجَتِ الزَّفَراتُ
وعَقارِبُ انكسَرَت، بَطِيءٌ خَطوُها
ودَقائقُ اكتَهَلَت بها الساعاتُ
وتَساؤُلٌ يأتي ويَذْهَبُ.. هَل تُرَى
تَأتي الفَتاةُ؟! وما هناك فَتاةُ
وإذا أَجَبتُ، سَأَلتُ؛ كالقَلمِ الذي
في جانبيهِ لِخَطّهِ مِمحاةُ
وأُرَتِّبُ الأفكارَ والأبياتَ والـ
أحداثَ.. ثُمَّ تَخُونُني الكَلِماتُ
وبِلَحظَةٍ صَمَتَ الضَّجيجُ.. فأومَأَت
وتَمَسَّكَتْ بِصُخورِها المِرساةُ
وسَرَى النَّسِيمُ بِبَردِهِ وسَلامِهِ
ماذا جَرَى.. هَبَّاتُهُ عَطِراتُ؟!
وتَفَرَّقَ الضِّيقُ المُكَدَّسُ كُلُّهُ
واستُجْمِعَتْ مِن فَورِها الأشتاتُ
فَنَظَرتُ خَلْفِي في هُدوءٍ غامرٍ
فيه الحَفيفِ كأنَّهُ رَوضاتُ
وبَدَت، ولم يَخِبِ الرجاءُ، ولا انتهت
مِن سَيرِها ووقوفِها الطرقاتُ
تَتَفَتَّحُ الأزهارُ مِن خُطواتِها
وتُبَلْسِمُ الزفراتُ والأَنّاتُ
والكَونُ يَصحو مِن عُبُوسٍ لَفَّهُ
لِتَعُودَ في قَسَماتهِ البَسَماتُ
واليَأْسُ يَحجُبُ وَجهَهُ.. يا وَيحَ مَن
لَعِبَتْ بِهِ مِن قَبلِها الخَيْبَاتُ
مَرَّتْ بإيقاعٍ تَرنَّمَ بالخُطَى
وحَصَىً كَأنَّ رَنينَها قَطَراتُ
والريحُ تَلْثُمُ ثَوبَها لِيَشِفَّ عنْ
جَسَدٍ تكاد تَضُمُّهُ المِرآةُ
عنْ تُحفَةٍ غَزليَّةٍ مَمشوقَةٍ
إِن قُورِنَت فالفاتِناتُ فُتاتُ
كالزَّهرِ تَعبَقُ بالعَبيرِ فَتَنْتَشِي
رُوحي، وتَثْمَلُ بالشَّذا النَّظَراتُ
والأرضُ بارُ صَبابَةٍ وتَلَهُّفٍ
دارَتْ بِهِ ما بَينَنا الكاساتُ
جاءَتْ.. وليتَ الوَقْتَ أَوقَفَ نَفسَهُ
دَهرًا ولم تتعجّلِ اللحَظاتُ
جاءتَ.. لتُشعِلَ كلَّ نجمٍ داخلي
ومَضَت.. لِتبدأَ بعدها الظّلماتُ