لا بحر لي حتَّى قصدتُك غارِقا
فبعثتِ لي هذي العُيون زوارِقا
لا حربَ لي قبل احتضانِك
لم أكُن إلا فتًى يخشى النُّهود بنادقا
لا حُبَّ لي
هذا فؤادي فتِّشي إن شئتِ
لن تجدي عليه سوابِقا
لا ذنب لي
إلاّ محاولة اصطيادِك يا غزالةُ
منذُ كُنتُ مُراهِقا
لا وقت لي
حتى تخيلتُ الهوى مقهى
سألهُو معْكِ فيه دقائِقا
لا موت لي
لكن مررتُ بشدِّةٍ كالموتِ
لمَّا ملتُ عنكِ مُفارِقا
لا نار لي حتَّى انتظرتُكِ طافئًا
وحرائقًا قلبي يشُبُّ.. حرائِقا
أغلقتُ شُبَّاكي وقُلتُ
أتيتِ أو لم تأتي
ذلك لا يُشكِّلُ فارِقا
والحقُّ أنِّي في انتظارِك
مثلُ أعمى دُون عُكَّازٍ
ويصعدُ شاهِقا
مُرِّي عليَّ
فبي كآبةُ قاتلٍ قبل القِصاصِ
يرى الوُجوهَ مشانِقا
مُرِّي ولو موتًا سريعًا وانزعي
موتًا بطيئًا في عُيوني عالِقا
*
عامانِ قد مرَّا وأنتِ هُناك
لا وطنًا ولا منفىً فتُؤويَ ضائِقا
لو أنَّ ما بيني وبينكِ في الهوى
قيدٌ، فقد أمسيتِ منِّي طالِقا
لكنَّهُ ما لا يُفكُّ، فهل تعِي
هذي الهُمومُ النازلات مطارِقا؟!
إنِّي أُعيذُكِ -لو تحرَّشَ شاعرٌ
بدموعهِ- ممَّا سيلقى لاحِقا
وأُعيذُ دمعي أن ترَيهِ فتُشفِقي
أو أن يراكِ عزُوفةً فيُنافِقا
وأُعيذُ قلبي أنْ تنامي قبلما
تدرين، أمسى راضيًا أم حانِقا؟!
لا تُلهميني عنكِ أيَّ قصيدةٍ
إنِّي تعبتُ أقولُ شعرًا صادقا
والحُزنُ يجمعُ في الشتاءِ ديُونَهُ
وأنا استدنتُ عليكِ حُزنًا سابِقا
لا ترقُصي في البَردِ كي لا تجرحي
أنفاسَكِ اللاتي تفوحُ حدائِقا
لن تهدأَ النَّارُ التي اشتعلتْ على
شفتيكِ، إلا حين تُحرِقُ عاشِقا
لو قُبلةٌ ستُعيقُ حُرَّاسُ النَّدى
عن حبسهِ.. هيَّا لنصنعَ عائِقا
يا بنتَ جلبابِ القبيلةِ إنني
ألفيتُ مُدَّعيَ الفضيلةِ فاسِقا
*
مقهًى وقبلي السُّهْرَوَرْدِيُّون قد
حضرُوا يصُفُّون الحنين نمارِقا
لم أمتلكْ لُغةً أُحيِّيهم بها
غير العناقِ، لذا دخلتُ مُعانِقا
أتحسَّسُ الأوجاعَ في بسماتِهم
وعلى ملامحِهم أعُدُّ مآزِقا
يتقمَّصُون وجُودَهم شكًّا وهُمْ
وَهْمٌ مع التَّكرارِ صار حقائِقا
جلسُوا فقامَ الحُزنُ يأخذُ صُورةً
لجميعِهم، ويقولُ: شُكرًا ساحِقا
أفشى بُخارُ الشاي جمرةَ سرِّهم
وأنا أُبيحُ لهم دمايَ طرائِقا
منهُم أنا لا مثلُهم
فوُجوهُهم فوضى
ووجهي لم يزل مُتناسِقا
*
“الحمدُ للهِ” ابتسمتُ لنادلٍ
يبدُو -بحُكمِ الشاي- مثلي آرِقا
ومررتِ في بالي
خِلالَ صبيَّةٍ سعلَتْ
ومنها التَّبغُ يسطَعُ عابِقا
كم يشتهي الفنجانُ
سُكَّرَهُ المسائيَّ ارتشافتَكِ
اشتهاءً حارِقا
كم يستغيثُ بكِ المكانُ
من احتلالِ الوقتِ
حين يمُرُّ دونكِ خانِقا
كم تغرقُ الجُدرانُ في شلّال صوتِكِ
وهو يجري من خيالي دافِقا
كم يشهقُ البابُ: “اسقِني إيقاع طرقِكِ”
كلَّما عطشًا توهَّم طارِقا
وأنا وحيدٌ مثلُ شامةِ جِيدِكِ
احترقتْ
ولم تذُقِ التثامًا لائِقا
عُمري اغترابٌ واحدٌ
وأحبَّتي كُثرٌ
وغيركِ لا أُريدُ مُرافِقا