على رُضابِ المُنَى تَغفُو العَشِيَّاتُ
وَالشِّعرُ مِنْ عَبَقِ الإلهامِ يَقْتَاتُ
نَدنُو قَلِيلاً مِنَ الآمالِ في شَغَفٍ
نُصْغِي فَتَغْمُرُنَا بِالأُنْسِ لحْظَاتُ
كَلَمْحَةٍ في الكَرَى تَنأى الْحَيَاةُ بِنَا
يا رفْقَةَ الشِّعرِ، وَالدُّنيا مَحَطَّاتُ
تقولُ سَيِّدَةٌ في الفِيسِ: بِي ضَجَرٌ
وَآخرٌ قالَ: بِي هَمٌّ وَآهَاتُ
وَفِي ازْدِحَامِ الأسَى قالتْ مُعَلِّمَةٌ:
مَرَّتْ بِنَا مِحَنٌ شَتَّى وَأَزْمَاتُ
لَمْ تتركِ الحَربُ للأحلامِ مِنْ رَمَقٍ
أمَا لِخُضْرِ المُنَى وَعْدٌ وَمِيقَاتُ
الْمِزْهَرِيَّاتُ ما عَادَتْ مُزَيِّنَةً
بالزَّهرِ مُذْ عَشَّشَتْ فِيهَا النُّفَايَاتُ
والأمسياتُ بِعَطرِ الودِّ مُتْرَعَةٌ
ما بالُها لم تَعُدْ تَصفُو المودَّاتُ؟
وَقَالَ شيخٌ: أرَاهَا بالأسَى امتلأتْ
أيَّامُنا وانتَشَتْ فِينَا الحَمَاقَاتُ
قُلُوبُنَا أيُّها الأحْبابُ مُثْقَلَةٌ
بالغِلِّ وَاسْتَوْطَنَتْ فِيهَا الخُصُومَاتُ
عَلَى المَنَابِرِ مَا عَادَتْ مَوَاعِظُنَا
تُجْدِي وقَدْ برَئَتْ مِنَّا المُرُوءَاتُ
تَدُورُ أيَّامُنا تَمْضِي عَلَى عَجَلٍ
لا دَامَ سَعْدٌ ولا دَامَتْ مَسَرَّاتُ
للنَّاسِ رَبٌّ كَرِيمٌ ليسَ يعْجِزَهُ
شَيْءٌ وفي كَفِّهِ غَيْثٌ وَخَيْرَاتُ
يَقُولُ مُتَقَاعِدٌ يَطوِي جريدتهُ:
قُومُوا فَقَدْ سَئِمَتْ مِنَّا الحِكَايَاتُ
أَجَابَهُ نَادِلُ المَقْهَى على عجلٍ:
على دُروبِ الْعَنَا، تَجْثُو الْمُلِمَّاتُ
هذا شُبَاطُ يُحَاكِي ثورةً سُُرِقَتْ:
أَظُنُّهَا لَم تَعُدْ تُجدِي الشِّعَارَاتُ
التَّافِهُونَ عَلَى الشَّاشَاتِ فِي سَفَهٍ
في كلِّ مرئيَّةٍ، تَعلُو التَّفَاهَاتُ
وَالنَّازِحُونَ إلى أوْطَانِهِمْ تَعِبُوا
مَتى سَتَسْطَعُ بِالنُّورِ المَطَارَاتُ
والصَّابرُونَ على الأوْجَاعِ ما برحوا
يسَّاءلونَ مَتَى تُشْفَى الجَرَاحَاتُ
لأنَّها لَمْ تَعُدْ بِالوَصِلِ عَامِرَةً
أَوَاصِرُ الودِّ، لَمْ تُنسَ العَدَاوَاتُ
لأنَّهمْ لَمْ يَرَوا للرُّشْدِ مِنْ سُبُلٍ
إلى مَهَاوي الرَّدَى تُفْضِي المَآلاتُ
يدندنُ الآنَ فنانٌ على وترٍ
أَلَمْ تَكُنْ هاهَُنا تَشدُو الكمنجاتُ
أَلَمْ يَكَنْ للدُّجى بَدْرٌ يميسُ بِهِ
وللمَسَراتِ أَعْيَادٌ وَعَادَاتُ
على الْمَقَاهِي أحَادِيثٌ مُكَرَّرَةٌ
وَفِي الْبُيُوتِ عَذَابَاتٌ وَأنَّاتُ
حَتَّى السَّجَائِرُ ما عَادَتْ مُسَلّيةً
ولا يَطِيبُ بِهَا، بُنٌّ ولا “قَاتُ”
مَاذَا جَرَى، مَا الَّذِي يَجرِي،
وَكَيفَ وَمَا ؟!!
لَعَلَّهَا لَمْ تَعُدْ، تُجدِي الإجَابَاتُ
وَلِلرِّجَالِ صِفَاتٌ يُعرفونَ بِهَا
مواقفٌ بِالنَّدَى، تُرْجَى وَغَايَاتُ
كَأَنَّهَا في رُفوفِ القلبِ غافيةٌ
طيوفُهُمْ، أَوْ عَلَى الأبوابِ غَيمَاتُ
كأنَّ بِي سُهدَ كلُّ المتعبينَ وَكَمْ
ضَجَّ الخريفُ بِسُهدي والشَّتاءاتُ