في خريفِ العمرِ سِرْبٌ قد أتي *** من بلادي عَبِقٌ مثل الثَّرَى
يا زَرَازِيرًا أتت من مَوطني *** ارحمي عبدا غَريبا في الوَرَى
صار يهذي ذاكرًا (غرناطةً) *** قد بَرَاه الوجْدُ، يجفوه الكرَى
هل جفاني الحِـب يا (حمراءَنا) *** أم يُغطي الدمعَ من عينٍ جرَى
هل قَلاني (حيُّ بَيَّازِينَ) أم *** قد أسال الشوقَ دمعًا أحمرَا
يا (شِنِيلاً)، يا حبيبَ الروح، يا *** دافقًا يسقي بلادي جَعْفَرَا
اسقني ماءً زُلالاً إنني *** في هواكم مُدْنَفٌ قد أُحْصِرَا
بَلْبَلَتْ بالي بِلَيْلٍ أَلْيَلٍ *** مُتْرِعاتُ الأُنسِ مِن ماضٍ سرَى
أُنسُ قرآنٍ وذكرٍ خاشعٍ *** مِن مَعين المجدِ في سامِي الذُّرَى
(مسجدُ الحمراءِ) مهجورٌ بلا *** ساجدٍ أو راكعٍ قد كَبَّرَ
هل سمعتُم في الدُّجى آهاتِهِ *** لو حَبَاهُ اللهُ نُطقًا عَبَّرَ
مَذْبَحُ الأصنامِ في مِحرابِهِ *** والصليبُ اليَومَ يُخفِي المِنْبَرَ
هل بَخلتُم بالدُّعَا مِن غَفلةٍ *** أم ظَننْتُم بالدُّعا لَن يُنْصَرَ؟!
كَم خَذلتُم جمعنا يوم اللِّقا *** هل عجبتم كيف أن يستنصرَ؟!
ما رأَيْنا مِنكُمُ خَيلاً ولا *** دَفْعَ جَيْشٍ كادَ أن يَسْتَأْسِرَ
بل شهِدتُمْ ذَبحنَا يا إِخوَتي *** والدِّمَاءَ الزَّاكِيَاتِ الأنْهُرَ
فاكتَفَيتُم بالسُّكوتِ الحائرِ *** لن أَلُوم الآنَ لَومًا أَكبرَ
اقرؤُوا تاريخَكُم يا إخْوتي *** واذكُروا بالحقِّ أَمْرًا مُنْكَرَا