عرش الكينونة/ بقلم الشاعرة اللبنانية الدكتورة زبيدة الفول (زنبقة القصيدة )

ابتعِدْ…
ما شئتَ عنّي
في خريطةِ هذا الزَّمانِ المُعتزِلْ،
أنتَ لا تملكُ أن تهجُرَني،
فالخُطى تُدركُ أنَّكَ في داخلي اكتَمَلْ.

اهجُرِ الأيّامَ،
قاطعْ كلَّ أصواتِها،
واغمُرِ العُزلةَ بالصمتِ،
لكنَّ عرشًا خفيًّا هنا في دمي
قد نُصِبْ،
عرشٌ يفيضُ عليكَ،
ويُهدهِدُ فيكَ المدى،
ويُعلنُ أنَّكَ الأوَّلْ.

أتعلمُ لِماذا تُقيمُ؟
لأنّكَ لستَ غريبًا
ولا طارقًا للحدودِ
بل كُنتَ سِرَّ البداياتِ،
كُنتَ القُبلةَ الأُولى،
كنتَ الوطنْ…
والوطنُ لا يُغادِرُهُ العاشقُ المُشتَعِلْ.

قلبُكَ المتوَّجُ في داخلي،
مَلكوتي الذي ما بَرِحْ،
ومملكتي لا تقبلُ العَزْلْ،
فالمَلكُ الذي تَعشَّبَ في النَّبضِ
لا يَرضى سوى بالوصَلْ.

كُلُّ أنفاسي تُقيمُ احتفالًا
إذا جئتَ،
تتفتَّحُ في داخلي الرُّبى،
وتُزهِرُ حتّى الخرائِبُ
إن مرَّ صوتُكَ،
أو خطاكَ على دَربِها ارتَجَلْ.

يا مَن تُنغِمُ في جسدي
اسمَكَ العذبَ،
وتُكسِرُ صمتَ الجُروحِ،
أيُعقَلُ أن تَهجُرَ مُلكًا
هو فيكَ وبي اكتَمَلْ؟

أتُريدُ صمتًا
من مملكةٍ
لا تُجيدُ سوى أن تُحاورَ نفسَها؟
أم تُنكرُ وجهًا
هوَ الوجهُ نفسُهُ
الذي في دماءِ الحنينِ اشتَعَلْ؟

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!