غَريبٌ ، حَيثُ طَوَّحَ بِيْ اغتِرابي
بَعيدًا عن صِبَايَ وعن شَبابي
غَريبٌ ، أَحبِسُ الأشواقَ حِينًا
وحِينًا لا أفيقُ مِن انتِحابي
وحِينًا يَشتَكِي ضِيقِي لِضِيقِي
كما يَشكُو المُصابُ إلى المُصابِ
وأَسألُ عن بلادي ، كُلَّ آتٍ
رَآها في الذهابِ وفي الإيابِ
وما جَدوَى الإجابةِ عن سُؤالي
إذا كان الحَنِينُ إلى الترابِ !
أنا في غُربةٍ تَزدادُ ضِيقًا
كسِجنٍ دون نافذةٍ وبابِ
وفي بَلَدٍ أعِيشُ به ، ولكنْ
غريبًا .. لا أُحِسُّ به ، ولا بي
فلا هذا النَّسِيمُ يَردُّ رُوحي
ولا هذي الحَدائقُ والرَّوَابي
حياتِي لا جَدِيدَ بها ، سِوى ما
يَزيدُ مِن التَّعَلُّلِ بالتغابي
فإن شِئتُ البُكاءَ ، لمن سَأبكي!
وإن شِئتُ العِتابَ ، لمن عِتابي!
فمَا لي مِن رَفيقٍ غيرُ حُزني
ولا مِن صاحِبٍ إلَّا اكتِئابي
ولا عيشٌ يَطِيبُ معي فأنسَى
ولا مَوتٌ يُريحُ مِن العَذابِ
يَدايَ قَصيرَتانِ عنِ المَجَانِي
وخَطْوِي تَقْتَفِي أَثَرَ السَّرابِ
غَريبٌ .. لِيتَني ما غِبتُ عني
وعِشْتُ بِوَهْمِ حُلْمِي واكتِسابي
ولَيْتَكَ مَوطِني ما كُنتَ مثلي
غَريبًا في الحُضُورِ وفي الغِيابِ
إذا ما غِبتَ في الدنيا .. فَهل لي
بوَصلٍ منكَ في يومِ الحِسابِ !
حَمَلتُك في الصِّبا جَنّاتِ عَدْنٍ
ولكنِّي كَبِرتُ على اليَبابِ
وفي صَدري حَمَلْتُ ثَراكَ عِشقًا
إلى أنْ صِرتَ جِسمًا في ثِيابي
وها أَنَذا أُحِبُّكَ حُبَّ نَفسِي
وأشعرُ بابتعادِكَ واقترابي
فأنتَ أنا .. بعيدًا أو قَريبًا
لأنكَ في السؤالِ وفي الجوابِ