غيمة يصغي إليها البحر/بقلم:محمد ناصر السعيدي

سؤالُ المدى عن غربةِ المجدِ حائرُ
وما قالهُ الراوونَ في العزِّ غابرُ

تصالحَتِ الحمَّى مع الليلِ ساعةً
فنامت على رفِّ المجازِ السجائرُ

بطيئاً يمرُّ الوقتُ يلقي ظلالهُ
عليَّ وفي نفسي تدورُ الدوائرُ

تلعثمتُ لا أدري أشوقاً إلى الرؤى
أم المشتهى أحياهُ للتوِّ عابرُ

أهشُّ على المعنى بعكَّازِ حكمتي
وأكتبُ ما اغتالَتْهُ فيَّ المنابرُ

وأرسو على برِّ التياعي وطائرٌ
يوشوشُ في أذنيَّ : أنتَ مكابرُ

تمالكتُ صبرَ الأولياءِ وراقني
من الهمِّ أنَّ الهمَّ لا شكَّ عاثرُ

تباركَ صمتُ المتعبينَ ودمعةٌ
على خدِّ شيخٍ حطَّمتهُ الخسائرُ

يقول الندى : ما حاجةُ الرِّيحِ للصدى
إذا تاهَ في دربِ الضياعِ المسافرُ

وما قصةٌ تُحكَى على مسمعِ الضحى
وأبطالُها خلفَ الأعنَّةِ غادروا ؟

أما راشدٌ يا قومُ ؟ يغتالُ خوفَهُ
ويعلنُ أنَّ الصمتَ لصٌّ مقامرُ

يحطِّمُ أغلالَ الشتاءِ وينتضي
من الأغنياتِ الخضرِ ما صاغَ شاعرُ

تسيرُ خُطى النَّاجينَ خلفَ انتصارِهِ
ولا همَّ للراياتِ إلا المآثرُ

لمن يستطيلُ الليلُ ؟ هل ثَمَّ عاشقٌ
وثمَّةَ حلمٌ في المدينةِ ساهرُ ؟

بكاءُ الرجالِ المرُّ آخرُ قصّةٍ
سيكتبُها باسمِ الشوارعِ ثائرُ

أضعنا خيولَ الفاتحينَ فتيَّةً
وما نقشَتْهُ في الرمالِ الحوافرُ

وفي جعبةِ الحاوي بلادٌ تصهينت
تحاصرُها الحيَّاتُ فيمن تحاصرُ

وتأبَينَ إلا أن تقولي قصيدةً
فتؤمنُ بالوعدِ المقفَّى الضمائرُ

لأنكِ مفتاحُ الطريقِ وضوؤهُ
دموعكِ ثاراتٌ وجوعُكِ كافرُ

تجيئينَ من أقصى العذاباتِ حُرَّةً
كما كنتِ .. تلهو في يديكِ الأساورُ

تجيئينَ لا شمساً تغيبُ ولا ردىً
يؤوبُ ولا سمسار حربٍ يتاجرُ

يراكِ الضبابيّونَ مشروعَ غيمةٍ
تحاولُ إمطاراً فيصحو العساكرُ

وفي جنباتِ الغيبِ يوماً سينقضي
زمانُكِ مهزوماً ويأتي الأكاسرُ

يراكِ الضبابيّونَ وهماً وما دروا
بأنَّكِ إعصارٌ عصيٌّ وهادرُ

بَنُوكِ سقوا معناكِ فيضَ دمائهم
وغصَّتْ بهم في جانبيكِ المقابرُ

لهم كلُّ ما لا نستطيعُ اختصارَهُ
وما لم تصلْ يوماً إليهِ المفاخرُ

هم العزُّ والباقونَ محضُ مهانةٍ
ستلعنُها في الآخرينَ الدفاترُ

هم المجدُ والتاريخُ لا عيشَ دونهم
يضيءُ لنا أحرارُهم والحرائرُ

 

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!