لنْ يبلُغَ القَصْدَ تَفكيري ولاقَلَمي
وَلو أصُوغُ بهِ دُرّاً منَ الكَلِمِ
فما مَدَحْتُكَ في ألحانِ قافيتي
إلاّ ويخجلُ حرفُ الشِعْرِ فوقَ فَمي
ياخاتِمَ الرُسُلِ الأبرارِ مَعذرَةً
جَلالُ قَدْرِكَ فوقَ القولِ والنَغَمِ
إذْ أنتَ قبلَ نُزولِ الوحْي مُعجِزَةٌ
وأنتَ أكمَلُ مَنْ يمْشي على قَدَمِ
أشْرَقتَ بَدراً بآياتٍ تشِعُّ سَنا
والكَونُ يَغرَقُ في داجٍ منَ الظُلَمِ
فكانَ نورُكَ بالتوحيدِ مُؤتَلِقاً
يقولُ قُمْ للهُدى ياعابِدَ الصَنَمِ
فكُنتَ أصْدَقَ من قالتْ قُريشُ بِهِ
وللأمانةِ نبراسٌ على القِممِ
حتّى أتتْكَ بجوفِ الغارِ مَطْلَعُها
( إقرأْ) وما كنتَ في نومٍ ولا حُلُمِ
أتتْ إليكَ لكي تَمحو الضلالَ بها
وأنتَ كُفؤٌ لها ياسيّدَ الهِمَمِ
وأنتَ أوثَقُ مَنْ يحْمي أمانَتَها
لأنّكَ القُطْبُ في الأخلاقِ والقِيَمِ
فكُنتَ سَفّانَها والبَحْرُ مُلتَطِمٌ
وكنتَ كالغيثِ هَطّالاً منَ الديَمِ
دَعَوتَ للهِ في رِفْقٍ عُرِفتَ بِهِ
وكُنتَ ليثاً به حينَ الوَطيسُ حَمِي
فَما جَفا الحقَّ مَنْ زاغَتْ بَصائرُهُ
إلا وعادَ لهُ بالخَيلِ واللُجُمِ
وقد مَضيتَ بأمرِ اللهِ مُحْتَسباً
وكم تحَمَّلْتَ من جورٍ ومن ألَمِ
وكُنتَ في قلَّةٍ شَدَّتْ سواعِدَها
باءتْ بموجٍ منَ الكُفّارِ مُلتَطِمِ
السابقونَ لدينِ اللهِ واحِدُهُمْ
في السِلْمِ والحَرْبِ مثل النارِ في العَلَمِ
قد بايَعوكَ على شَتّى مَصاعبها
همُ الصَحابَةٌ أهلُ العَزمِ والكَرَمِ
وسانَدَتْكَ من الفُرسانِ كوكَبَةٌ
همُ المَلائكُ لَبَّتْ باعِثَ الرِمَمِ
فكانَ دينُ الهُدى للناسِ أجمَعَها
ماءً زُلالاً منَ التَقوى لكلِّ ظَمِي
ياسيّدَ الكَونِ يانوراً أضاءَ لنا
طُوبى لِعَينٍ على ذكراكَ لمْ تَنَمِ
ياراجياً جنَّةَ الأُخرى وكوثَرَها
للناسِ كي يشربوا من مائهِ الشَبِمِ
في ظلِّ يومٍ ترى الأبصارَ شاخصَةً
والكُلُّ يرجو نَجاةً من لظى الحِمَمِ
بهِ مقامُكَ مَحمودٌ تَحفُّ بهِ
ملائكُ اللهِ بالآلاءِ والنِعَمِ
أنتَ المَلاذُ لمنْ لاحَتْ لهُ سَقَرٌ
أنتَ الشَفيعُ لأهلِ الخَيرِ والذَمَمِ
أنتَ الإمامُ لكلّ الأنبياءِ به
ففيكَ قد خُتِموا ياخَيرَ مُخْتَتِمِ
يارَحْمَةً نزَلَتْ للعالَمينَ لكي
تُنيرَ دربَ الهُدى للعُرْبِ والعَجَمِ
صلّى عليكَ إلهُ الكونِ ماسَكَنتْ
حَمامةٌ وشَدَتْ في ساحةِ الحَرَمِ