كُوبٌ فَارِغٌ…كُوبٌ مُمْتَلِئُ !/بقلم:ماريا غازي (الجزائر)

مَا عاد بِي شِدَّةٌ عَلَيْكُمْ وَ لَا عَلَى امْتَطاء السَّرَابْ
وَلَا بِي شَغَف لِمُرَاقَبَة شَمْسِكم إذَا تَوَارَتْ لِلْغُرُوبْ
أَنَا طَائِرٌ حُرّ أَهْوَى التَّحْلِيقَ بَيْنَ السَّحَابْ
فَكَيْف أَكُفُّ عَنْ هَوى التَّحْلِيق أَوْ أَتُوبُ !
لَوْ قَطَعْتُمْ بِي كُلُّ جنَاحاتي وَ جَهَّزْتُم لِأمَلي السِّرْدَابْ
لَوَجَدْتُمُونِي أَرْسُمُ أَمَلا ً لِلْحَيَاة بَيْن الثُّقُوبْ
سَأطِيرُ ، فَالنِّيَّةُ عَزْمٌ لَا يَعْتَرِفُ بِالنَّوَافِذ أَوِ الْأَبْوَابْ
وَ الْمُتَوَكِّل ظَافِرٌ وَ لَوْ عَافَرتْه الدُّرُوبْ
بَيْن الْبَيْنَيْن أرْفَضُ أَنْ أَخُطّ حَرْفًا أَوْ كِتَابْ
وَ كَيْفَ أُخَاطِب لِلشَّكّ ظُهُورًا كَذُوبْ !
عَلَى الْهَامِشِ لَسْت أَقِفُ وَ أُفضِلُ الْغِيَابْ
و الْحُضُورُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِعْلًا ، فَكُلّ الْأَقْوَالِ لَهَا حَبْلٌ لَعُوبْ
لَا أَسَفَ عَلَى مَا مَضَى فِي قَفَصِ زَيْفٍ تَوَارَتْ دَاخِلَهُ الأَسْبَابْ
وَ لَا عَتبَ عَلَى الْحُبِّ إذَا قَطَّعَ فُؤَادًا كَانَ بِهِ الطَّرُوبْ
يَظَلُّ الْحُبّ بَرِيئًا وَ إِنْ أُلْقِيَ بِهِ فِي جُبٍّ أَوْ حَتَّى نَهَشَتْهُ الذِّئَابْ
يَخْتَفِي الْجُرْح عَبر الْأَزْمِنَةِ وَ تَخْجَل حَتَّى أنْ تَظْهَرَ النُّدُوبْ
الْحَقّ سَيْفٌ بَتَّار عَلَى الرِّقَابْ
و عَدْل الْحَيَاة يَقْتَصُّ و يُنصِّفُ الْقُلُوبْ
سَنَعُود نُحَلِقُ و نَأْتَلِفُ مِنْ شَاكلاتِنا وَفَاءً مِنْ الْأَحْبَابْ
مَا يَنْتَهِي صِنْفٌ وَ لَا جِنْسٌ للخيرِ فَالدُّنْيَا تَخْضَعُ بِالسَّعْي الدَّؤوبْ
يُحَاوِرُنِي الْهَجْرُ و تَسْأَلُنِي الذِّكْرِى إذَا قَامَ لَهَا رِيحٌ و عُبَابْ
أُشِيرَ لَهَا بِبَنَاني إلَى قَلْبِي وَ أُبْصِرُ عَلَى وَجْهِهَا حِيرَةً و بَعْض شُحُوبْ
ثُمّ أَسْأَلُهَا مَاذَا رَأَيْتِ؟ وَ هَلْ بَلَغَكَ مِنْه الْجَوَابْ؟
تَرُدُّ قَدْ أَبْصَرْتُ جُرْمًا سَابِحًا و سَمَاءً و قَمَرًا وَ بَعْض كُؤُوبْ !
أُلِحُّ، عُدِّي كَمْ كُوباً مُمْتَلىء وَ كَمْ ٱفْتَرَغَ مِنْهَا وَ أَبْلِغِينِي الْحِسَابْ
تُؤَكِّدُ؛ كُلِّهَا مُمْتَلِئَةٌ لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ مَسْكُوبْ
إذَا الذِّكْرى ؛ يَا حَبِيبَتِي أَنْتِ ، لِلْأَيَّام غِذَاءٌ مِلْحُهَا مَنْثُورٌ عَلَى الْأَعْتَابْ
وَ الْحَقُّ شَهْدٌ منْ تَذَّوَقَهُ و عَرِفَ قَدْرَهُ فَهُوَ الْمُكَرَّمُ الْمَحْبُوبْ
وَ كُلُّ مَا سَبَقَ أَضْغَاثُ أَحْلامٍ ، هُمْ لِلزَّيف أَرْبَابْ
لَا تَسْأَلِينِي بَعْدَ هَذَا وَ لَا تُشْكِكي أَيَّتُهَا الخَضُوبْ
قَطعْتُ بِمَارِيَتِي وَ طَائِرِ صَفْوَتي دَابِرَ كُلِّ الْإِعْطَابْ
سَتُثْمرُ الجِنَانُ، و قَسْوَةُ الثَّلْج يَأْتِيهَا الرَّبِيع الْحَانِي فَتَذُوبْ !
هَذَا وَعْدُ الْخَالِقِ و تَفْقَّهُهُ الصَّفْوَةُ مِنَ الْأَلْبَابْ
فَنَحْن نُدْرِك زُبْدةَ الْفِعْلِ بَعْدَ تَجْرِبَةٍ رَؤُوبْ

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!