مراكب الحنين/بقلم:عبدالناصر عليوي العبيدي

لِـحَـاظُكِ حِـيـنَ لِـحَـاظِي تُـعَاتِبْ
تُـدَغْدِغُ وَجْـدِي كَـلَسْعِ الْـعَقَارِبْ
كَــأَنَّ الـدُّمُوعَ انْـسَكَبْنَ اشْـتِيَاقًا
كَشَلَّالِ مَاسٍ عَلَى الْخَدِّ سَاكِبْ
إِذَا مَـــا نَــظَـرْتُ لِـعَـيْـنَيْكِ حَـــالًا
تَـتِـيهُ الْـخَـيَالَاتُ بَـيْـنَ الْـغَـيَاهِبْ
فَـمِـنْ نَـظْرَةٍ مِـنْكِ تَـنْثَالُ رُوحِـي
وَتَـنْـزَاحُ مِـنْـهَا جَـمِـيعُ الـرَّوَاسِبْ
أُعَـانِـقُ فِـيـكِ اشْـتِـعَالَ الْـوُجُـودِ
فَفِيكِ مِنَ السِّحْرِ أَقْوَى الْعَجَائِبْ
أُحِـبُّـكِ… حَـتَّى احْـتِرَاقِ الْـخَيَالِ
وَيَـهْرُبُ مِـنِّي الْـكَلَامُ الْـمُنَاسِبْ
وَأَمْـضِـي لِـحَـدِّ انْـكِـسَارِ الْأَنِـيـنِ
فـأُصْـغِي إلـيـه إِذَا مَــا يُـخَـاطِبْ
أُخَــبِّـئُ فِـيـكِ ارْتِـجَـافَ الـدُّهُـورِ
وَأُشْـعِلُ فِـيكِ احْـتِرَاقَ الْـمَوَاكِبْ
وَإِنْ قُــلْـتُ: إِنِّـــي أُحِــبُّـكِ جِــدًّا
تَـهَـدَّجَ صَـوْتِيَ كَـصَوْتِ الْـمُحَارِبْ
أَمُــرُّ عَـلَى صَـهْوَةِ الـلَّيْلِ وَحْـدِي
وَرُوحِــي لِـطَـيْفِكِ دَوْمًــا تُـدَاعِبْ
يُــرَفْـرِفُ قَـلْـبِـي كَـطِـفْـلٍ غَـرِيـرٍ
يُـرِيـدُ الـنُّـجُومَ وَبَـعْـضَ الْـكَوَاكِبْ
وَفِــي الْـحُلْمِ، وَجْـهُكِ بَـدْرٌ بَـعِيدٌ
يُـشَعْشِعُ صَـمْتِي، كَبَرْقٍ يُخَالِبْ
فَـمَـا بَـيْـنَ حُـلْـمٍ وَصَـحْوٍ خَـجُولٍ
كِـيَـانِي تَـهَـاوَى بِـكُـلِّ الْـجَـوَانِبْ
إِذَا مَــا افْـتَـرَقْنَا، يَــذُوبُ الـصَّـبَاحُ
وَيَـطْغَى الْـمَسَاءُ بِـلَيْلِ الـرَّغَائِبْ
وَأَبْـكِي عَـلَى شَـفَةٍ مِـنْ عَقِيقٍ
أَخَــافُ انْـقِـطَاعَ خُـيُوطِ الْـعَنَاكِبْ
وَكَــيْـفَ أُطَـفِّـئُ بُـرْكَـانَ وَجْــدِي
وَأَنْــتِ كَـنَهْرٍ مِـنَ الـشَّمْعِ ذَائِـبْ
فَـلَا تَـعْجَبِي إِنْ تَـمَادَى جُـنُونِي
وَلَا تَسْكُبِي فَوْقَ ناري الْمَصَائِبْ
أَنَـا ابْـنُ الْـفُرَاتِ، الْـجَرِيحُ الْحَزِينُ
تَعَوَّدْتُ فِي الْحُبِّ أَلْقَى الْمَتَاعِبْ
وَلَـكِـنْ بِـرَغْـمِ الْأَسَــى وَالْـجِرَاحِ
إِذَا مَـا عَـشِقْتُ نَـسِيتُ الْعَوَاقِبْ
فَمَا عُدْتُ أَخْشَى الْمَدَى وَالرِّيَاحَ
إِذَا كَـانَ وَعْـدُكِ خَـلْفَ الْسَّحَائِبْ
سَـأَعْـبُرُ رَغْــمَ اضْـطِـرَابِ الْـبُحُورِ
وَأُحْــرِقُ خَـلْفِي جَـمِيعَ الْـقَوَارِبْ
تُـهَـدْهِدُنِي غُـرْبَـةٌ فِــي الْـعِظَامِ
وَخَــوْفٌ يُـعَـسْكِرُ فَـوْقَ الْـمَنَاكِبْ
فَــلَا تَـسْأَلِينِي: لِـمَاذَا الـنُّحِيبُ؟
وَهَـمُّ الْـخَلَائِقِ فِـي الـصَّدْرِ لَازِبْ
سَـأَلْتُ الْـحَنِينَ: أَمَـا مِـنْ طَرِيقٍ
نَـعُـودُ بُـعَـيدَ احْـتِـرَاقِ الْـمَرَاكِبْ؟
فَـقَـالَ: الـطَّـرِيقُ ضَـبَـابٌ كَـثِـيفٌ
يُـخَـبِّئُ وَجْــهَ الْـحَبِيبِ الْـمُرَاقِبْ
فَـعُدْتُ إِلَـى الْـحُزْنِ أَمْـشِي إِلَيْهِ
كَــأَنَّ الـرُّجُـوعَ طَــوَافُ الـرَّواهِـبْ
فَـتَـغْـمُرُنِي ضَــجَّـةٌ مِــنْ نُــدُوبٍ
وَأَفْـنَيْتُ عُـمْرِي كَطِفْلٍ مُشَاغِبْ
فــمَـا الْـحُـبُّ إِلَّا كَـمِـلْحِ الْـحَـيَاةِ
مُـحَـالٌ سَـتَحْلُو بِـغَيْرِ الْـمَصَاعِبْ

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!