ليلٌ بأولِّ بوحِهِ
ومقاعدٌ بلهاءُ تُمضي يومَها مُستلقيةْ
بابُ الحكايةِ مُغلقٌ
والعاطِلونَ عن الكلامِ تناثروا تعباً وغابوا
في زحامِ الأبنيةْ
صوتُ المصابيحُ التي ما غادَرَتْ يوماً زجاجَ بيوتِها
يدنو لِيَفتَحَ أُمسيةْ
ها صاحبُ الدكان يَسْتفْتي لُفافة تبْغِهِ
في أُغنيةْ
لا شيءَ في قاعِ المدينةِ مدهشٌ هذا المساءْ
لا الغيمُ يُمطِرُ مثلَ عادتِهِ
ولا المقهى الذي يستقبلُ الموتى مُضاءْ
والجامعُ المَزروعُ مِن زمَنٍ هناكَ
قد اكتفى ليلاً ببعضِ الأتقياءْ
لا شيءَ في قاعِ المدينةِ مدهشٌ هذا المساءْ
فهل المدينةُ غادرتْ أصحابَها ؟
أمْ أنَّ أصحابَ المدينةِ متخَمونَ بِمَوتِهِمْ
والوقتُ داءْ؟
وحْدي أسيرُ
أُحَدِّثُ التَّعَبَ المُكَدَّسَ في اليَدينْ
عَمّانُ تَهْرُبُ مِن فَمي
وأنا أُحاولُ أن ألُمَّ شتاتَها
وأعيدَ تأثيثَ الشّوارِعِ بالحكاياتِ التي
قد تُرجِعُ الدُّفلى لِ “رأسِ العينْ”
عمّانُ تخْلَعُ ثَوبَها العِنَبيِّ
نحو مدينةٍ أُخرى بلا شَفَتينْ!
فَمَن الذي سَرَقَ التُّرابْ؟
ومَن الذي ألغى الكنائسَ والمآذِنَ والقِبابْ؟
ومَن الذي ألقى بماءِ “السّيلِ” محبَرَةً
لِيُمعِنَ في الغيابْ؟
عمّانُ قافيتي التي
مِن دونِها سأظّلُّ مَرْمِياً على بابِ الكلامْ
وأظَلُّ أبحَثُ عن دَمي في كُحْلِها
وعن الحكاياتِ التي
كانَ الزّمانُ على غِوايَتِها ينامْ
سأظَلُّ يا أمّي أفتِّشُ في الغَمامْ
عَنّي
وعن “عَمّانتي”
تلكَ التي قد كنتُ منثوراً على أدراجِها
طِفلاً
سَيَكبُرُ بَعْدَها في كلِّ يومٍ
ألفَ عامْ