فهزّي جذوع َ الغياب تساقط عشقا
قُلْ لي : كيف كنت تعيشُ حلمَك
في مكانٍ ما ، أقل لك من تكونُ
محمود درويش
سَئِمتُ كوبَ الحكمةِ ..
الصباحيَّ
المسائيَّ ..
الضلاليَّ ..
كطفلٍ مدلّلٍ ..
محاصرا بالتّراتيل
وشُغبِ المناماتِ
على هدهدةِ كلّ ليلةٍ
كلّ صبحٍ
.. في صخب الحوذي
الـ تتخاطّفُه الطّيرُ
وتتعكزُ على سخطِه عنوسةُ المسافاتِ
ساعاتٍ أعجنُها فطيرةً
لأخمد أنفاس النّشيجِ
بتُخمةٍ فضيةِ الأطرافِ
تَرى بعينِ العجزِ
كأن لم تَرى
تُأتئُ بلسانٍ مفضوضِ
مُفزّعًا بالسكوتِ و الخنوعِ
و ادعاءاتِ النبلاء
مُطارِدًا جذوتي
في حارةٍ مسكونةٍ بالغريبِ من مومياواتِ
الطواحينِ الكاسدةِ
وكتبٍ تآكلتْ حروفُها
حين أسرفتْ في وأدِ الجموح
أعلنتِ الذّرايةَ
بلغةِ آدم
ضعفِه الوثنيِّ
رحلتِه في حدائقِ حواءَ
أراقتْ حروفَ الأبجديةِ كخرافِ
على مذبحِ الغياب
وخلفتْ أخرى ..
صفراءَ .. باردةَ
تُغذّي زفراتِ الوهم
اعتياديةَ الموتِ
ودموعَ شفيفيَ في عينِ الرّقيبِ
ما بيني و بينها
ما بيني وحنين مجهضِ
تشاغبُنا الاستحالة في براحِ الشّرودِ
الراحُ المتهافتُ برغبتِه في احتساءِ شفاهِنا ..
المتشققةِ تعففا و جوعا !
أيُّ خيبةٍ تلوثُنا بطنينِها
و أيُّ بلاغةٍ سوف تقنعُنا ؟
شهادةٌ رسميةٌ بسنابكِ ملكِ الموت
أم دمعةُ شفقةٍ في عيونِ الوريث
تضربُ وجوهَنا بغفلتِنا
ثم تُلقي فُتاتا من كلماتٍ
على شريطٍ ميت ؟!
أتقمّصُها
تتقمّصُني
لا أدري كنتُ بهلوانا
أم علكةً عصيّةً على القضمِ
أم شيطانا يتوكأُ عصا النبي في غيبةِ العصمة ؟
و أنتِ بؤرةُ احتدامِي
و براكيني
تمارسُ انكسارَها
كخيولٍ مصفّدةٍ بالنّارِ
ليس إلا صهيلٌ يطاردُ الجموح
ينجبُ القلقَ و الأرقَ
جنونَ اللّغةِ
علاماتِ استفهامٍ تترنّحُ
تُلقي نقاطَها للرّيحِ ساخرةً
لتكونَ أقراطًا متأرجحةً كمشانق
لذهولٍ فَشِلَ في إنجابِ الرضا
هي فوضى
مشغولةٌ بذاتِها عن ذاتِها
كنرجسةٍ أهلكَها التّتويجُ
مصلوبةٌ في تناشيعِ المِلح
على جبينِ الأزرق
امتدادًا لاستباحاتِ العُمرِ وزمنِ القبيلةِ
سَئِمتُ ..
كلَّ شيء
وسئمني الوقتُ
صمتُ الجدرانِ الصارخُ
حينَ نفاذِك من أقطارِ السماءِ
إلي أقطارِ دمي ..
في انكسارِ الحيِّ
كماردٍ قايضَ طينًا ببأسٍ
و أنتِ حشودٌ من نساءٍ
فاضَ بهانهرُ انهزامي
فما عادَ يدري إلا طريقًا وحيدةً
لبطنِ تبّانتِه
تبًّا ثم تبًّا
زعمتُ يوما أَني أعَافُه
فإذا بي أتربّصُه خلفَ استدارةِ المرآة
فلا كنتُ عازفًا
لتنجلي رقصتي الأخيرةُ مع زوربا
ورءوف سالم*
و لا كنتُ عازفًا في جوقةِ الصّخبِ المراوغِ
رحى السّخُفِ
و ضلالةِ القناعاتِ
ليحملَك عفريتٌ سؤومٌ ..
حبًّا أو كَرهًا ..
حافيةً
أو لأحملَني ..
بملءِ جنوني ..
للبلادِ البعيدة !