عاد الشتاءُ وآن أن نتفــرقا
فإلى لقاءٍ يا لقاءُ إلى اللقا
اليوم ينصتُ للرحيل وداعُنا
وحذارِ يا هذا النوى أن تنطِقا
لا حرفُها المبحوح يكتبني ولا
صمتي يُداري أصدقائي الأصدقا
حَدَبي يكاد على احتدام مشاعري
يبكي وكاد الحزن أن يتدفقا
لكنني أهوى الغيابَ بِعِزَّتي
وأرى قراري للرحيلِ مُوَفَّقَا
فالحرفُ غاليتي سيصبح في فمي
ينعي جَمَالاً في صباك ورونقا
أنا ما عشقتُ سواك فاتنةً ولم
أفتحْ لأُنثى بابَ حبٍّ مُغْلَقا
وأنا اعتنقتُ هواك حُبًّا طاهرًا
ووفيتُ في حبي وعشتُ مُصدِّقا
ما كنتُ أحسب أنّ ضحكتك التي
أحببتُها ستكون رعدًا مُصْعِقا
ما كنتُ أدري أنَّ دفءَ غرامنا
سيعود قيظًا للكراهةِ مُحْرِقا
حتماً وما فكرتُ أنَّ حوادث الـ
ـأيام تجعلني بعينك أحمقا
وفضاءك الرحب الخضمَّ .. بوهلةٍ
سيصير من بعد الرحابة ضَيِّقا
هل تذكرين لقاءنا وحديثنا
والطير كان على الغصون مُحلقا
والبحر يعبق والنسائم تجتدي
عِطْرًا صباحياً بكُثبان النقا
ستلومني الأيام تعذل خيبتي
لمَّا أخذتُ من المليحة موثِقا
عذراء يا وجع الشتاء بكاهلٍ
ثَقُلَ الزمان به فأصبح مُرْهِقا
إن باعدتْ تلك المساعي بيننا
والورد أذبل قبل أنْ يتزنبقا
فلسوف تمطر مُهجتي بعذابِها
شعراً وتزرعني نشيداً مُورِقا
أنا ها هنا وحدي وخلف نوافذي
ليلٌ أراه بدون وجهك مُقلِقا
لن أجتدي يا ليلُ ضوءَ جميلةٍ
غَرَبَتْ كنجمٍ لا يريدُ المشرقا
ناديتُها فتجاهلتْ كغمامةٍ
مرّتْ ولم تعطِ السحابَ المُغْدِقا
وسألتُها جدوى البقاء فأعرَضَتْ
عني وقالت لا أريد لك البقا
فلتذهبي عني فلستُ بنادمٍ
مادام قلبك صار بوقاً أخرقا
ولتوقدي التنور جم قصائدي
فالقلب دون الحب لن يتذوقا
ما قيمةُ الأشعار عند خَليّةٍ*١
جعلتْ أوانيها الجميلة مِبْصَقا
فالشعر أولى بالذين تطيبوا
بالحب واشتاقوا إليه تشوقا
لو كنتُ أدري سر هذا المنتهى
ما اختار قلبي في عيونك مأزقا
فلقد تغيّرتِ المسافة بيننا
والناي في كفيك أصبح بندقا
لم يبق لي قلب يحنُّ ولا خُطىً
تهوى المسير لكي نحبَّ ونعشقا
إني كفرتُ بكل شعرٍ صغتُهُ
بدمي وكنتُ لأجله مُتألِّقا
يا بحرُ لا تقسو عليّ فإنني
لم أدَّخِرْ لعُبابِ لُجِّك زورقا
يا ليتي أغفو لألقاها كما
كانت بقربي نجمةً في الملتقى
هذا أنا كالصقر ليس بضائري
حبٌ يخادعني إليه تَمَلـُّـقا
آهٍ على زمنٍ يخونُ وواقعٍ
يُذري العيونَ وطعنةٍ لا تُتقى
آهٍ على زمنٍ يعيثُ بمهجتي
ويذيقني كأسَ الشقاوةَ والشقا
إنْ لمْ تَعُدْ عينُ المحبةِ فاحفري
قبرًا يواري الأغنيات وخندقا