على كاهلِ المقهى أراحَ عذابَهُ
وراحَ يقصُّ الحزنَ أنَّى أصابَهُ
وقصَّ شريطَ الذّكرياتِ ببسمةٍ
ممزّقةٍ، تعبى، تجوبُ سرابَهُ
هوَ البحر،ُ والوادي، وكلُّ صبيَّةٍ
تدلِّلُ سلسالًا يَزينُ اغترابَهُ
تنفَّسَ فيهِ الحقلُ رغمَ اصفرارِهِ
وأسفرَ عن جدبٍ يصوغُ ضبابَهُ
طويلًا حكى الزَّيتونُ في حَدَقاتِهِ
عنِ الشجرِ الأسمى يغادرُ غابَهُ
لأنّ أيادي القاطعين تكاثفت
فما عادَ يقوى أن يُطيلَ صوابَهُ
عنِ العنبِ المعطوبِ قبلَ قِطافِهِ
عنِ الصَّيفِ والسَّلوى تواربُ بابَهُ
عن الوَسَنِ المذبوحِ قربَ غروبِهِ
عنِ الغيمةِ العطشى تبلُّ غِيابَهُ
وقصَّ كثيرًا عن جهاتٍ سَبيَّةٍ
فما كانَ أقسى ما يرومُ كتابَهُ!
وحينَ أزاحَ البوحَ غادرَ حافِيًا
ولم يطلبِ المقهى إليهِ حسابَهُ!