يا قاعِدينَ على رفِّ الغيابِ أما
آن الرجوعُ لكُم بَعدَ الغيابِ أما؟
طالَ الوقوفُ على أسبابِ عودَتِكُم
والروحُ مِن خَلْفِها تَستَعذِبُ الألَمَا
إلى مَتَى وشرودُ الوقتِ يَصْحَبُكُم
مثلَ المجانين يا أصحَابَنَا القُدَمَا
أخافُ أن تَفقِدَ الأشياءُ صُورَتَها
ولم تَجِد حَولَها كفًّا ولا قَدَما
أخافُ أن يَطمُرَ النسيانُ ذاكِرَتي
أو أن يصيرَ وجودي يُشبهُ العَدَما
***
منازلُ الحُلمِ خَلفِي صَرحُها انهَدَما
وكلُّ خَطوٍ سَعَى بِالواقعِ انصَدَما
هذي البلادُ التي عاثَ الفَسَادُ بِهِا
فِيها اختَفى كُلُّ حَقٍّ كانَ مُحتَرَما
عَنها قُوى العينِ مالَت وهيَ جَالِسةٌ
على الرصيفِ تبيعُ النونَ والقلما
كأنَّها في جَبينِ العِزِّ ما افتَرَشَت
أرضَاً ولا طاوَلَت في المكْرماتِ سَمَا
أدلى الزَمانُ بِشَرٍّ أطبَقَتْ يَدُهُ
إما لينشُرَ قُبحاً أو يريقَ دَمَا
لا تسألِ الصبرَ أنفاسَاً ليضبِطَها
لَم يَكتُمِ البَحرُ سرَّاً مِثلَما كَتَما
فِي لَحظَةٍ سَرَقَ الإدمانُ أفئِدَةً
أبدَت مِنَ الضعفِ ما يكفي لِتنهَزِمَا
نحنُ الذينَ ثَبَتنا في القيامِ على
أسمائِنا حينَ ظلَّ الوضعُ مُحتَدِما
لا الحربَ نخشى على الأوطانِ..
لا سعةَ الحِرمانِ نخشى..
ولا أن تأكلَ العَدَمَا
لَكِن نخافُ بِأن نَصحو على يَمَنٍ
أمامَنا يدفنُ الأعرافَ والقِيمَا
أحسِن صَنيعَكَ فيمَن عِلتَ يا أبتي
كي لا يعودَ لكَ الإحسانُ مُنتَقِما
.
.
يا طينةً في بَلاطِ الروحِ خَالِصَةً
مَرَّت على جُرحيَ المفتوحِ فالتَأما
بِخطوِكُم ضَمَّتِ الدُّنيا ابتِسامَتَها
لَم يَبقَ يوماً عبوسَ الوجهِ ما ابتَسَما
أصابعُ الجرحِ إن عَضَّت نَدامَتَها
لا تَسأليني لِماذا تَرفضُ النَدَما
إذا العَدالةُ فَرَّت عَن مَواطِنِها
فكيفَ ندفعُ عن أوراقنا التُهمَا؟