أحاديثُ العرّافةِ / بقلم : عادل العجيمي

1- مكالمة

قلْتُ للعرّافةِ : حتَّى الآن لم يتصلْ بي أحدٌ ليخبرني إنْ كنتُ على قيدِ الحياة أمْ أن الخبرَ الذي تصدَّر ثرثراتِ المقاهي عن وفاتي كان صحيحًا ..   قالت : انتظرْ حتى الصباح  تعددت الصباحاتُ والمساءاتُ ثم هطلتْ أمطارٌ غزيرةٌ وأحرقتِ الشموسُ بقايا عيدان الحطب وأنا أضعُ هاتفي أمامي ..

2-  لمسة

أعطيتُها كفِّي لتقرأ لي الطَّالعَ .. نظرتْ فيه طويلًا ثم رفعتْ رأسها وثبتتْ عينيها في عينيّ و قالت : ينال الحياة من ينال المنال  لم أفهم كلامها لكنَّ ملمسَ يديْها لا يزالُ على يدي ..

3- أمنية

ليستْ لديّ إلا أمنيةٌ واحدةٌ .. أمنيةٌ واحدةٌ فقط .. قالتْ ليَ العرافةُ : تَمَنَّ يا عادلُ .. أجبْتُها : تمنَّيتُ .. أَخذتْ تضربُ ودعَها ثم بكتْ ولملمتْ جرابها وأركبتْني قاربًا وتركتني على الضفة الأخرى من النهر أتطلّعُ .. أبحثُ في عيون العابرين عن أمنيتي

4-حديث آخر

العرّافةُ التي لجأتُ إليها لتُخبرَني بطالعي لم تخبرْني بأنني سألقاها في هذا العام أكّدتْ لي غيرَ مرةٍ أن لقاءَنا الآن من المستحيلات .. لم أعبأْ بكلامها مطلقًا .. ذهبتُ للضفة الأخرى حيث كانتْ والتقيْنَا .. نعم التقينا ولمسْتُ يديها في حينِ أن العرّافة مازالتْ تُصرُّعلى موقفها مما جعلني أراها جالسةً أمام جرابِها المملوءِ بأشياءَ كثيرةٍ فأُنادي على القابعة عند الضفة الأخرى وأُمسكُ بيدها وأمُرُّ معها أمام العرافة مخرجًا لها لساني بينما كانتْ تضحكُ بملءِ فيها وتُردّدُ :     – كلُّ شيء بأوان .. فتغيم السماء وتختفي كل أصوات العصافير

5-نور

على ناصية مقهى حياتي انتظرتُها .. مرتْ أمامي .. جميلةٌ حقًّا .. جميلةٌ جدًّا كحوريّات الحكايات التي تسبق النومَ مباشرةً .. هي ماء الحياة .. سألتُها رشفة تبلّل شفتيَّ الجافتين فأعطتني ,, أعطتني الكثير حتى ثملتُ .. فما أحسستُ إلا نورًا يغمر الأكوان وينطلق مخترقًا الحُجُب

6-صخب

العرّافة التي تركتْ جرابَها سكتتْ تمامًا ولم تعدْ لديها الرغبةُ في ضرب الودع ،إنها تستمتع بالجلوس وحيدةً تداعب خصلاتِ شعرٍ  متعددة الألوان ثم تطيّرها في الهواء وتضحك مالئةً الدنيا بالصخب

7- المُباح لي

قلتُ للعرافة : أتمنى أن أنام لأراها في الحُلم قالت : هذا مستحيل ثم لملمت أشياءها وهي تؤكد:مستحيل ، مستحيل ، لن تنام ولن تراها ..   تركتُ العرافة ورحتُ في نوم عميق ورأيتُها تُطلُّ بعينيها من قلب زهرةٍ وحادثتُها حديثًا طويلًا وحادثتني حديثا طويلا وعندما استيقظت كانت رائحتها تملأ المكان بينما كانت العرافة تنزوي في ركن بعيد

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!