آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية
لصحيفة آفاق حرة
النظرية الخبزية
بقلم. خضر الماغوط. سوريا
مختار القرية الذي كلفته الحكومة بدراسة مشروع توزيع الخبز في قريته، احتار كيف سيقنع القوم بأن ربطة واحدة من الخبز بسبعة أرغفة ستكفي ثلاثة أشخاص طوال اليوم بليله ونهاره.
لذلك استنجد بطلب الدعم الخارجي لحل هذه المعضلة، كما هي العادة في حل المشاكل العربية.
جاء الدعم الخارجي بحضور فيثاغورث وآينشتاين مع افلاطون.
قال افلاطون:
لو افترضنا بأن الخبز موجود، فإن هذا الوجود ينفي عدم الوجود، وعندما لا يكون موجودا، فإن عدم الوجود ينفي الوجود، وقد ضاع المواطن بين الوجود وبين عدم الوجود، واسمحوا لي أن أستعير كلام صديقي ديكارت فأقول:
عندما أفكر بالخبز فقط، فأنا غير موجود، وليس لوجودي قيمة في وجود هكذا وجود.
وهنا تدخل آينشتاين مقاطعا:
لا يا صديقي فإن الوجود واللاوجود هو شيء نسبي، فالشيء يوجد بوجود الشيء الآخر، والشيء الآخر يوجد بوجود الشيء الأول، فلو افترضنا بأن ثلاثة أخوة يعيشون تحت سقف واحد وهم عباس وعبوس وعبابيس، وإن وزعنا سبع أرغفة عليهم فسيكون نصيب كل منهم رغيفين وثلث الرغيف، وقد يأكل عباس حصته كلها في وجبة واحدة، إن كان الطعام يحتاج إلى خبز كثير كالبامياء والفاصولياء مع الشطة الحارة، وقد يأكل عبوس شقفة خبز صغيرة إن كان الطعام مجدرة بالبرغل والعدس مع مخلل اللفت، وقد لا يكون عبابيس موجوداً فتبقى حصته من الخبز كاملة، فكل شيء نسبي يا مختار.
أما فيثاغورث الذي كان مشغولاً بقياس رغيف الخبز بالشبر والمسطرة، قال:
يا أصدقائي لو كان رغيف الخبز على شكل مثلث قائم الزاوية، فإنه لا يمكن تقسيم الرغيف على ثلاثة أشخاص بشكل متساو، فإن الجزء من ناحية الزاوية القائمة، يكون أكبر منه من جهة الزوايا الحادة، فلا يمكن التسوية بين عباس وعبوس وعبابيس.
وما لبث إن سكت الجميع فلم يستطع الكاتب أن يصنع خاتمة لهذه القصة، وما تزال مشكلة الخبز قائمة.
***
