لعبة
في المقهى الوحيد في تلك المدينة الصغيرة، ستجد رجلاً غريباً، يتأمل بقلق من خلف النافذة، تلك الغيمة السوداء القادمة.
ولا شك أن عصفوراً شارداً سيحطّ على الرصيف المجاور، وهو ينقر شيئاً ما.
لكن بعد قليل سيلفت نظرك تلك الفتاة وهي تتمايل يمنة ويُسرى، وكيف أنها تنظف زجاج سيارتها.
لكنها في ذات الوقت ستنتبه إليك، و بدلاً من أن تعصر الاسفنجة، ستنظر إليك ببلاهة، و ستقبض على قلبك ومن ثمّ ستطلقه خارجاً.
عندها وبدون مقدمات سينتفض العصفور، ويبدأ المطر…بالبكاء.
شرود
تناسيت عمداً أن أخبرك عن ذلك الرجل الغريب الذي كانت تبدو عليه علامات القلق، وهو يراقب الغيمة السوداء من خلف النافذة.
وبينما كنتَ أنت مشغولاً بما يجري في الخارج، كيف حوّل انتباههُ فجأة اتجاه تلك الفتاة الجالسة على المقعد المقابل.
وكيف أنه تأمّلها طويلاً وهي تحدّق في الفراغ…ومن ثمّ تقلّبُ شاشة هاتفها باحثةً عن لا شيء.
ثمْ كيف أنه انتفض فجأة ليغادر المقهى وحيداً قبل هطول المطر، بعد أن فاته أن يكون…ذلك الشيء.
دفء
سألني أحدهم بعد أن أنهى القراءة:
ماذا كنت تتمنى أن تكون، عندما كنت صغيراً؟ ابتعدتُ عنه قليلاً؛ عدتُ إلى تلك المدينة الصغيرة، أبعدتُ تلك السحابة السوداء، أخرجتُ الطاولة و الكراسي إلى الرصيف، نثرتُ بعض الحبوب لذلك العصفور.
لم يستهلك مني التنظيف وقتاً طويلاً، فقد تعلمتُ خلال سنوات عملي أن أركز على الأركان والزوايا المعتمة…حيث تتراكم القصص العالقة.
دعوتُ الجميع إلى فنجان قهوة، ضحكنا بصوتٍ واحد:
-مقهى…بالتأكيد…مقهى.