يقضم بسخاء رغيف خبزه المحشو بالسردين المعلب ، ويعقب القضمة بجرعة من فم قارورة الغازوزة . تنتفخ خديه كنافخ مزمار . يلتهم الشطيرة ولا يأبه بالمارة . عندما انتهى من التهام الرغيف وأفرغ الغازوزة ارتخى وأحس بارتياح بعد أن هدأت غرغرة أمعائه . بعدها تجشأ وأحدث صوت مجوف كأنه آنبعث من بئر عميق . قطع الطريق الى الرصيف المقابل ، عند الزاوية حيث بائع السجائر بالتقسيط اشترى سجارة سلفة ورجع الى كرسيه ، صندوق الخضر ، أشعلها ، وأخذ يتشهقها وينفث دخانها من مناخره مثل مدخنة . أحس بدوار واتكأ راْسه على الحائط ، ولعن الدنيا و يوم ميلاده .
كل صباح ، بسترته الفلورية ، يغذ السير في الزقاق ذهابا وإيابا ، يرشد من يريد أن يركن سيارته . يشير إليه بإصبعه أن يدير مقوده مرة الى اليمين ، و مرة الى اليسار حتى ينسل بين سيارتين بدون اصطدام . يفعل هذا كذلك عند مغادرة أحدهم المكان . هذا مقابل ، حسب سخاء الزبناء ، بعض الدريهمات . بعض الأحيان ينتهى الأمر بالسب والمشاجرة . هناك من يعتبر الدريهمات التي يمنحها إياه شفقة أكثر من أن تكون مقابل حراسته للسيارة . فإن الحارس في محنة ، وحياته أصابها عطب ، مثلما يرتدي هو السترة الصفراء الفلورية حين تتعطل سيارته في أحد الطرقات و يطلب النجدة .