نور يدبر وظلام يقبل ، طاولة مستديرة في ركن قصي يلتف حولها الكبار ، خريطة تتوسطها ، يد ترسم ، أكف تصفق ، وأنخاب تشرب …
من فوق الطاولة ينهض شبح ، يلوح لهم مودعاً ، يتأبط ذراع رجاله ، ويتجه شرقاً …
هرج ومرج يملأ الآفاق ، ويعم البلاد ، رياح
تهب محملة برمال وغبار ، تضرب كل شيء ، كلاب تستيقظ من سباتها ، يعلو نباحها .
ساعات تمضي ، قلوب تخفق رعباً ، أزهايج تهلل ، ساحات تتزين ، وجوه غريبة ترخي
ظلالها على الجميع ، تصول وتجول عيونها تقدح شرراً ، وأخرى تسقط أقنعتها وترتدي نفسها ، وبعضها يصبغ وجهه باللون الجديد ..
فرمان جديد يصدر ، وفاتح يطل ، تتلقفه
الأيدي ملوحة له تنثر الأرز ، وترفع الرايات ، رجال يتجمهرون حوله ، يهتفون مرحبين ، طلفة ترافق أبيها ، تحمل وروداً ، يتقدمان بسرعة وسط الجموع بإتجاهه .
الفاتح بهيئته الجميلة ، يعلو رأسه طربوش ، يراهما فيبتسم لهما ، ويشير لهما بالتقدم ، يهرولان نحوه ، الطفلة يدفعها والدها للأمام نحوه .
لما وصلت إليه ، رفعت رأسها وورودها ، لتقدمها له ، علا صوتها بالصراخ ، فهوت ورودها أرضاً ، وهرولت عائدة لوالدها تصرخ برعب ، دموعها تغسل وجنتاها الغضة ، وتملأ وجهها البريء ، تنادي برعب
– أبي .. رائحة نتنة تزكم أنفي ، ودماء تقطر أرضاً …
