عوالم مختلطة / بقلم : بلقيس بابو (المغرب )

في هذه الليلة من ليالي الصيف ، أقبع وحيدة في زاوية الغرفة  ، الصمت يطفو على المكان،  لا أسمع إلا نبضات قلبي التي تتسارع كلما فكرت بك.

اقرأ رواية جديدة و اتقمص دور ابطالها و أُسقط بعض أحداثها على  ما تؤول اليه حياتي كلَّ يوم ..   و أتذكر….

أجل أتذكر … لست ناسية لكني أعشق أن أشغل ذاكرتي و أعيد من خلالها لحظات … لحظات كادت أن تختصر كل ما عشته من قبل… أجل أحب أن أتذكر ….وأذوب في الذكرى كأني أحياها من جديد ….كأني أتنفس،  أجل أتنفس..

أعود لروايتي، أعود … لكي لا تختلط الروايات…

شيء ما يحدث …شيء غريب …

أحس بأني لست الوحيدة في هذه الغرفة …تمت شيء يطوف بي ، يلامس شرايييني ، أنا لا أرى أحدا لكني أحس بوجوده….و أنا لا أستطيع أن أفكر بشيء… فصورتك لا تفارق مخيلتي، و همسك يتررد على مسامعي ،،، أراك بين سطور الرواية  مستلقيا بين الصفحات،، تبتسم كلما رأيت ذهولي.. وتنتقل بين وجوه الشخصيات..

لا بد أني واهمة ، لربما أشتد عليّ النعاس… أو ربما كانت وجبة عشاء دسمة أخلت توازني…

كيف لي أن أراك…كيف لي أن أراك تجلس على ركبتي تارة و تحط يداك على كتفي تارة أخرى .. لا بد أني جننت، أو أن قراءة الكثير من الروايات أثر  سلبا على مخيلتي.. فصرت أحسك معي، أسمع أنفاسك و أشعر بدفء يديك…. يبدو هذا جنونيا لكني أحببته، أجل أحببته…أحببت أن يأتي إليَّ طيفك …و يأخدني معه إلى بحرٍ من الذكريات الجميلة معك، أحببت أن يغرقني فيه  ….

يبدو الموت بسعادة مغريا جدا…أنموت في سعادة أم نحيا أشقياء…..؟؟ أندفع عمرا ثمنا للحظة فرح..؟

لا أعرف حقّاً لا أعرف…

لم أنم الليلة، لم أفكر فيه حتى…. تتوالى الصور و تتوالى الذكريات.. لم أعد أستطيع التفريق بين واقع و خيال..

أحسك معي ولست معي…أشعر بأناملك تحدد مساحات جسدي.. لا أعرف .. لا أعرف….

أحاول أن أعود لأُكمل القراءة و أُعيد ترتيب أحداث الرواية دون أن أرى وجهي في وجه الفتاة …دون أن يلاحقني طيفك.. بين السطور و الصفحات… لتأخذني بين ذراعيك و تقبلني علي جبيني، و تتسارع النبضات…

مضى وقت طويل وأنا أحاول إقناع نفسني بأنك لست هنا ، و بأني خيالي صار أوسع من مساحة هذه الحجرة حيث أقبع وحيدة….مضى وقت طويل وأنا أحاول أن أتأكد أني لم أمت، وأن كل ما أراه هو من نسج العالم الآخر…

لابد أني مِتُّ،  لابد أني أراك من فوق ….لابد أني صادفت طيفك في رحلة الصعود إلى الأعالي….

روحي لا تريد أن تفارقك،  مازالت تتوق إليك، مازالت تجلس في زاوية الغرفة  تتمسك بأصغر ذكرى ، بأبسط همسة.. تكذِّب  أنك قد تكون كففت عن حبي ، تكذب أي شيء لتبقى هنا تكذب أي شيء لتقاوم الرحيل….

أراك مستلقيا هناك.. أناديك فلا تجيب.. لا تنظر إليَّ حتى… أحوم حول فراشك و أناديك ، أرفع صوتي أكثر فأكثر ..لكنك لا تجيب.. ألا تراني ..ألا تشعر بوجودي ؟؟؟

أقترب أكثر  و أهمس في أذنيك ؛ أنا هنا ،، فلا تجيب ولا تلتفت ..لست أفهم ما يجري ..ربما جاءت روحي لتودِّعك..فمازال أمامها طريق طويل نحو السماء..

 

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!