مزرعة العم سنان/بقلم:علوي بن محمود.

( بعض الخرافات يغدو حقيقه وبعض الحقائق ليس الا مجرد خرافة مايكون وهما في حين يغدو قدرا في آخر وليس بالمستطاع تجنب الاقدار التي تسعى لها خطوات القدم ).

في مكان معلوم وزمان مثقوب انشئ العجوز (سنان الظهيره ) مزرعته واعتنى بها جيدا ذرى بها قمحا وذرة ودخنا وخصص قطع منها كبساتين لأنواع الخضروات بدأ بالجزر والخيار وانتهاء بالكوسى والبذنجان انفق العجوز سنان سنوات من عمره لتصبح المزرعه كخير مايرام وككل المزارعين نصب سنان فزاعات من خشب وقش كساها ثيابا لتبدو كالأنسان في وسط الحقول والبساتين لتطرد الغربان الغازيه لكن الغربان مع الوقت ادركت ان الفزاعات لاتهش ولاتنش

وانقضت على الزروع تلتهم مالعينيها يروق

لم يجد سنان حين ازمع على السفر لرؤية اسرته في قريته البعيدة من يوكل له الاهتمام بالمزرعه سوى الارانب

كانت الارانب خفيفة سريعة ورشيقة تنقض بقفزة مذهلة على الغراب الغازي فتركله بعيدا وتحمي الحقول من عبث السود النواعق

مضى سنان في رحلته واستبسلت الارانب في مهمتها العتيدة

في ارض المزرعه نشاط آخر يدب على الارض يكاد لايلاحظ جموع النمل تعمل في دأب تجمع قتات يومها حبة قمح هنا ودخنة هناك وتقتنص يرقات الحشرات التي تلتهم اوراق الزرع وبعض ثماره

سنان لم يكن غفلا عن النمل لكنه كفلاح ادرك اهميته في مكافحت اليرقات واعتبر النمل مساعديه الصغار وتركهم يقتاتون من خشاش الأرض

طال غياب سنان عن مزرعته والأرانب التي انهكت من مطاردة الغربان تذمرت لدى الاجتماع مع كبيرها

صاح ارنوب اغبر ياكبير الارانب لقد تعبنا كثيرا من القفز والركل

فصاح ارنوب امعر هو كذلك والغربان كثيرة ماعاد بوسعنا صدها

فصرخ ارنوب اكشر لقد ظلمنا العجوز ماقرره لنا من غذاء لايكفي لمصارعت الغربان طوال النهار

تلاه ارنوب اجعر ياكبيرنا ايموت الساقي وهو عطشان بينما عند قدميه يجري الماء

تفهم كبير الارانب بعقله الارنوبي الراجح مطالب ارانبه وقال اذن خذو مايكفيكم وواصلوا عملكم

مضى وقت والوقت كفيل بالنسيان والوقت نفسه كفيل بالأفاقه

ومن ارنب الى آخر زادت الحصة وكبرت الغنيمة وكصحراء جافه تبتلع المطر الغزير تناقصت الزروع كثيرا

وامتلئت بها بطون الأرانب ويبدو ان قرض الجزر والتهام الخس بما يفوق المطلوب اثقل حركتها فسمنت وترهلت وتباطأت كثيرا

ولما كانت هكذا هي الحال تجرأت الغربان وطلبت مصالحة الأرانب على ان تترك للغربان فسحة من الارض تتبختر فيها بين الولائم

لم تجد الأرانب وهي على تلكم الحال الا ان توافق على طلب السود هذا البلاء الناعق كشر لابد منه

مضت الأقمار والليالي وتكاثرت الغربان والأرانب ونسيت كائنات المزرعه وقع خطوات سنان التي غدت كذكرى بعيده لاتكاد تستبان

نفخ البوق السلطاني معلنا في الأرجاء ان فراء الدب خير مايقي من برد السلطان ولمن اتى بفرائه جائزة من الذهب الرنان فأنطلق الصيادون الشجعان يجوبون البراري يبحثون عن دب فرهان يغمرون به رداء السلطان

وكان ممن انطلق اوس ابن العجوز سنان لكنه لم يكن كباقي الشجعان

عاد اوس الى مزرعة ابيه الذي تركه يستريح مع احفاده في القرية للباقيات من سنوات عمره

عاد اوس مصطحبا معه بندقية صيد جديدة ودرزينة من كلاب الراعي القوقازيه هذه الكلاب الضخمه والمهيبة

لم يكن اوس مستعجلا في خطته ببندقيته اصطاد الغربان وكان ينتزع قلوبها ورؤوسها ليطعمها لكلابه .١.
لتأخذ عن الغربان شجاعتها الجسورة وذكائها المعروف

وترك لكلاب الراعي حرية التغذي على الأرانب السمان التي عجزت عن تفلت من انيابها وبراثنها

حتى اذا تغذت كلابه واشتد اوار نشاطها انطلق بها يتتبع الدببه ويجمع الفراء الثمين وحقق نجاحا وحظوة لدى السلطان ووسع مزرعة ابيه واكثر من ارانبها

لم تعد مزرعة سنان الظهيرة كما سبق مزرعة للخضار والحبوب

اصبحت مزرعة (اوس الظهيرة ) لأستيلاد وتدريب كلاب الراعي القوقازي

وانتفع اوس كثيرا من بيع الكلاب المدربة للصيادين الذين تقاطرو على المزرعه لشراء كلب مدرب

عاد اوس الى ابيه يحمل غنائم كثيرة وانحنى على ركبة ابيه باكيا وناده سامحني ياابي اذ لمتك على ترك المزرعه للأرانب حقا ياابتي قد كنت حكيما لكنني لصغر سني لم ادرك بصيرتك لوقائع الأمور .

النمل مستمر في عمله الدؤوب حبة ذرة هنا وقمحة هناك ويرقات كثيرة تزحف على اوراق الجزر والخس .

١.في المعتقد الشعبي في عدن تناول قلوب الغربان يعطي الشجاعه وقوةالقلب لمن يأكله ويستخدم كعلاج للخوف وهو على كلن معتقد خرافي لااساس له ويكاد يكون الأن منقرضا في المخيال الشعبي

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!