يحكى في القرون الأولى أن هناك سيل في مأرب أخذ جنتين عن يمينٍ وشمالٍ كانت لتبع يكفر بأنعم الله، فأرسل الله عليه سيل العرم، وادي نخلة هو سيل عرم هذا الزمان، بمجرد أن تحكي عن هذا الودي أو تتحدث عنه يتبادر إلى أذهان الناس عن موت فلان فيه، وسحب سيارة فلان فيه، كأنك تتحدث عن عزرائيل وشبح الموت والجرف في هذا الوادي، ينحدر من هذا الوادي سيل جارف وجرار حتى لا يكاد يبقي ولا يذر، يلقف كل شيئ أمامه دون رحمة، وكان طريق الناس المسافرين إلى شرعب والعدين من وسط هذا الوادي، سحب هذا السيل سيارات كثيرة وأشخاص أيضاً مات من مات فيه ومن كتب الله له البقاء مكث في هذه الأرض، يحتاج المسافرين القادمين من مدينة تعز إلى ساعة واحدة للوصول إلى قراهم، لكن في فصل الصيف يحتاج المسافر إلى أن يحمل معه متاعه وزاده وبطانيته، لأن السيل حين يعبر من هذا الوادي يقطع الطريق لساعات طويلة وربما أيام.
لقد سرق هذا الوادي من العرسان افراحهم ومن الأطفال أيضاً، اتذكر ذات مرة قصة لعريس قادم عروسه من مدينة تعز، ولأن وسائل الاتصالات لم تكن متوفره في ذلك الوقت قطعت العروسه مشوارها في الوصول إلى عريسها، لكنهم وصلوا وقد عبر السيل، واخذ معه افراحهم وشوق لقائهم، ثلاث ساعات والعريس ينتظر عناق عروسه دون أن تصل، ارسلو طائرهم ليرى أثراً لسيارة تقدم من بعيد لكنهم لم يجدوا شيئاً، تحرك العريس بنفسه ووصل إلى الجهة المقابلة من الوادي، هم أن يلقي بنفسه في السيل ليلحق بعروسه ظناً من أن السيل اخذهم، جف ريقه، وذرفت دموعه في يوم وصفها الشافعي بأن فرحتها لا ينسيها الا ضمة القبر، لكن ضمة سيل وادي نخله كانت أقرب لذلك العريس، بح صوته، وارتفع صراخه، لكنه سمع من الجهة المقابله صوت ايوب وهو يقول، هلا سيري مله سيري، وأن لهم السير وقد قطع سيرهم سيل جارف، كان والدي حين يعود من المدينة أنتظره بشوق كبير وفرحة لا تكاد توصف، لكنه يتأخر كثيرا تخبرني امي ان سيلاً في نخلة قد قطع عليهم الطريق، وقطع عليا فرحتي كطفل بقدوم والدي، مات امراض الضغط والسكري، والحوامل الذين فارقوا الحياة وهم ينتظرون أن ينتهي السيل ليعبروا نحو المدينة، لكنه كان ينتهي حين تنتهي حياتهم أيضاً.
بعد كل هذه المعاناة والتعب والصخب والنصب والموت والسحب، والانتظار، والخوف والرعب من كل ما حصل في هذا الوادي أثناء تدفق السيل، بذرة تنمية روح تنموي، دأب في روح أحد أبناء المديرية، بادر بنفسه، وقدم مقترحاً مع دعم مادياً ضخم، وبدأ في العمل، عمل ذلك الحلم الذي وقف الناس بين حائر ومؤيد ومستغرب، واصل ذلك الرجل التنموي طريقه واستخدم كل إمكانياته المتاحة ثم ارتص الناس بجواره كالبنيان المرصوص واضعين حجر التنمية والمبادرات الذاتية والمجتمعية للخروج من تلك المحنة، جُمع لذلك المشروع اي مشروع جسر نخلة ما يقارب مليار الا قليل، وقد كان حلماً وأصبح اليوم حقيقه، لقد نجح واضعُ اللبنة الأولى وصاحب الفكرة الأولى وصاحب الدعم الأول، في إخراج الناس من كارثة ظلت تطاردهم في مواسم الأمطار حتى أن بعض سائقي الصوالين، كان يصيبه الاحباط في فصل الصيف، لكن الجميع اليوم يحتفلون بأقامة جسر الحياة، وسط تلك السائلة، جسرُ يصل بين الحبيب وحبيبه بين الاب وأبنه، بين المريض والمستشفى والخدمات، نعم بدلاً من أن يكون جسر نخلة هو جسر للحياة أيضاً، اليوم واليوم فقط حق للناس أن تفرح، وللمعاناة أن تنتهي، وللحلم أن يصبح حقيقه، وللمرضى أن تتداوى دون تأخير، ووللمرأة الحاملة أن تذهب بسلام والسلام على كل شارك وكان له يد خير وعون إلى جوار صاحب اللبنة الأولى.
وللحديث بقيه.
ختاماً: اهدي هذه القصة لصاحب اليد الاولى ورجل التنمية في مشروع جسر نخله، لا أعلم من يكون، ولن يجازيه عن مبادرته الا الله، والى كل رجل تنموي في اي قرية أو عزلة أو مديرية..
[7:26 pm, 05/07/2024] محمد صوالحة: