إعداد: سليم النجار- وداد أبوشنب
” مقدِّمة”
مفردة “السؤال” وحدها تحيل إلى الحرية المطلقة في تقليب الأفكار على وجوهها، ربّما هدمها من الأساس والبناء على أنقاضها، كما أنَّها من أسس مواجهة المجازر وحرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة والضّفّة، من قِبَل الاحتلال الاسرائيلي٠
في هذا الملف نلتقي بعدد من الكُتّاب العرب الذين يُقدِّمون لنا رؤاهم حول ماذا يحدث في غزّة؟
وما يستدعي الدرس والتمحيص والنقاش والجدال والنقد، لأنّ الأشياء تحيا بالدرس وإعادة الفهم، وتموت بالحفظ والتلقين٠
د. سعاد محمد الصباح من الكويت تكتبب لنا من زاويتها “ماذا يحدث غزة”؟
خطوات على تراب غزة
د. سعاد محمد الصباح
حين دقّت قبضات أطفال الأقصى باب العصر الحجري
كلّ شيء كان بارداً كالموت.. وصامتاً كالمقابر..
لم يكن هناك زرع.. ولا ضرع.. ولا شجر..
ولا قمر.. ولا مطر
كان هناك مشروع أمّة.. تنتظر ولادتها.
فحصل المخاض..
وبشّر الله هذه الأمّة العربية الصابرة
بولادة جيل الأقصى
الطائر الذي طالما انتظرناه.
وبعدما كدنا نشكّ في قدرتنا على الإنجاب
ولد هذا الطفل الذي لم يولد وفي فمه ملعقة ذهب
ولم يولد على سرير من الحرير..
ولم يستحم بماء الورد والياسمين..
الطفل الفلسطيني..
ولد من تراب الشوارع في غزة..
كان وجهه معفراً بتراب القصف الصهيوني، وبقايا دم تسيل على جبينه
كان ينظر إلى الكاميرا بابتسامة
وهو ينادي بالشهادة وبتحرير الأقصى
وصوت أمّه من خلفه: كلّنا فداءً للقدس..
هذا الطفل.. هو ابني..
كما هو ابن كلِّ امرأة عربية..
فتأملوا كيف تخلق البطولة ملايين الأمهات..
ماذا أحدثكم عن هذا الطفل؟
إنه سيِّد كلِّ الأطفال، وسيّدنا..
إنّه الفتى الجميل، الذكي، الشجاع
الملهم، اللماح، الذي أرسله الله إلينا
معلماً، وبشيراً.
لقد أنهى شيخوختنا الجسدية،
والعقلية، وأوقف حالة الترهل القومي التي أصابتنا..
أنهى مواسم القحط والجفاف
والتصحر في أرواحنا، وحمل إلينا رائحة
المطر.. ورائحة الربيع
حفظ الله هذا الولد الجميل من كيد الكائدين.
ومن حسد الحاسدين.
إن يدي دائماً على قلبي..
فأنا خائفة على الأقصى..
لا من عيون الدول الأجنبية فقط
ولكنني خائفة عليه حتى من عيون بعض الحاقدين…