البحّارّة – يا لوليتا – لا يموتون جوعا
إنّهم يموتون غرقا
أو تقتلهم الحانات وهم يتسكّعون في النّساء!
البحّارة – يا لوليتا – ينجون، دائما، من العاصفة
لكنّهم لا ينجون، أبدا، من امرأة جميلة؛
امرأة،
نصف عارية،
تمارس ابتسامتها على رصيف الميناء!
وأنا
– يا لوليتا الجميلة جدّا –
أبي و جدّي لم يكونا بحّارين
/ رغم أنّنا نعيش في جزير ة منذ ثلاثمائة عام/
ولا أنا كنتُ بحّارا
ولا كانت أصابعي نوتيّين في أسطول شركة الهند الشّرقيّة
لأنجو أنا و قصائدي من العاصفةِ
ومنكِ…
وما كنتُ نورسا لأعبُر كلّ هذا الاشتياق
فأصل إلى ضفافكِ
دون تعب يذكر وبجثّة مكتملة الملامحِ…
يا لوليتا، البحّارة
– كما الشّعراء –
لا يخفون أسماء حبيباتهم
إنّهم يعلّقون أسماءهنّ على الشّمس
لتجفْ
فيتناولونها مع البيرّة
ومع نساء أخريات
حين يصلون إلى الموانئ البعيدة…
البحّارة يطلقون أسماء حبيباتهم
على مراكبهم، على سفنهم
وعلى كلّ امرأة يغزونها
ويشمون أسماءهنّ ووجوههنّ على زنودهم وصدورهم
ليعرفهم البحر
فيُعيدهم إلى أوطانهم
حين يغرقون…
أمّا أنا،
يا لوليتا البيضاء والحلوة كالسّكّر،
لأنّي لستُ بحّارا ولا شاعرا
ولا أمارسُ الغَزوْ
ولأنّ الجوع كافر
فأنا أخفي اسمك حتّى عن أصابعي
حتّى لا تقتفي أثر شفتيَّ في بياضكِ
فتُشاركُني فيكِ
وحتّى لا تتهّمني النّساء بأنّي جميل
كلّما صادف وتعوّذتُ
من عشق امرأة
باسمكِ
فاسمك يجعلني رجلا جميلا!
البحّارة، يا لوليتا، لا يبكون حين يعودون إلى نسائهم
إنّهم يرفعون لهنّ قبّعاتهم
وينادونهنّ، صارخين، من على ظهر السّفن.
وعلى رصيف الميناء،
يعانقونهنّ ويشربونهنّ،
دفعة واحدة،
في كؤوس القبلات
أمّا أنا، يا لوليتا، فلستُ بحّارا
ولا رسالة داخل قارورة
لأصل إليكِ
فأشرب نصفك على رصيف الميناء
وأشرب نصفك الآخر وأنا أسافر،معك، بين نجمتين…
أنا لستُ بحّارا، يا لوليتا، لأُعانقك
وأسرُّ لكِ:
“كم أعشق رائحتك التي تشبه رائحة الكراميل، يا لوليتّتي”
ولأنّي لستُ بحّارا
فأنا… أجلسُ هنا
حيثُ “اللاأنتِ”
ومن ثقب في جدار لا أحد يراه غيري
أراقبكِ وأنتِ تُكلّمين طنجرة الطّبيخ
كما تكلّمين صديقتك
وأضحك، كطفل جميل، وأنت تشتمين آلة الغسيل
أو الفرنِ
وأبكي بجنون كلّما غنّيتِ أغنية
ظننتُ أنّي المقصود بها
وأنا عاجزحتّى عن ذكر اسمك…
هنا… أعانق وحدتي التي تعرف اسمك جيّدا
ونبكي معا
حين ينبعث صوت وديع من الرّادو:
“عندك بحريّه.. يا ريّس
سمر و شرئيّه.. يا ريّس
والبحر كويّس.. يا ريّس
وصّلنا بلدنا.. يا ريّس”
…
“هنا إذاعة أوليس آف. آم
وإليكم نشرة الأخبار