لم أكن أعلمُ
أنّ أقسى من الرّحيلِ عن الوطن ِ :
أنِ يرحلَ الوطنُ عنكَ .
– هكذا رحيلُكِ ..
***
في مهبِّ غيابكِ
أشعرُ أني بتُّ وحيداً وغريباً ومنكسراً
يسندني الخواءُ
وتنتابني أوجاعُ اللجوءِ الأوّل ..
*****
في غيابكِ :
المكانُ الذي تغادرين ْ
سيحتفظ ُ بحصّتكِ منَ الأوكسجين ؟؟
يأملُ أن تعودي ..
الزمانُ سيُبقي لكِ في تقويمه ِ
فسحةً لقهوتكِ الصّباحية ِ وأغاني فيروز ..
في غيابك ِ
وروردُ الشّرفة ِ ستشعر ُ بالعطش ِ الدائمِ
بالرّغم ِ من أنها تُسقى كما أَوصيتِ
ورود ُ الشرفةِ ستبكي على رحيلكِ
كما لو أنّكِ أُمّها
في غيابك
العصافيرُ التي اعتادت فتاتَ الخبزِ من يديكِ
ستدركُ اختلاف نكهة ِ الخبز بعدك ِ
لكنها ستواظبُ على المجيء ِ
وتلاوةِ وِرْدِها الصّباحيّ من مصحفِ الزقزقات..
وستخبرُ صغارها :
أنّ بنتاً حلوةً
لم تَعدِ هنا ..
كانت تنثرُ لهم فتات الخبز ِأيام الشتاء..
في غيابكِ
كُتبكِ الأثيرةُ والروايات ُ
ستفتقدُ عينيكِ ال كانتا تُراودُ حروفَها
ستفتقدُ أصابِعكِ ال كانتْ
تُقلّبُ الصّفخات
ستفتقدُ صدركِ ال كانَ ََيهويْ عليه الكتابُ وأنت ِ تُصرّين َ على القراءة كلّ ليلة ٍ
بالرّغم ِ من يومِ عملٍ طويل ..
***
في غيابك ِ
سأُصَبّرُ الطرقات التي كنت ِ تمشين ْ
وأدّعي أمامها :
أنّكِ ستعودينْ
***
بغيابكِ
تركتِ لي إرثاً كبيراً :
هذا الفراغ ُ الفادح ..
***
سليمان محمد نحيلي