أنا ماذا … ؟
أنا ذلك الفراغ الموغلُ في العَدم
سَراب تشكّل من رذاذِ الفقدِ
أنا كلّ الحكايا الّتي عرّشت على حَوافِ غابةٍ استوائية
خاصمها الضّوء .
رديفةُ الموتِ أنا شقيقة الحَياة
إمرأة المسَافات العَابثة بدمِ الغياب
سيّدة البداياتِ و النّهاياتِ
إمرأة لا تعترفُ بنبوءات المَطر و لا تحضر عُرسَ الذّئاب
أنا ماذا…؟
أنا ذلك الجُنون الّذي يأبى أن يستكين
أنا العَبثيةُ في أقصى حالات الفَوضَى
أنا الموبوءةُ بالحُب .
المزدحمة بالوجع
أنا اللاجدوى في عزّ الخذلان
أنا ماذا…؟
أنا طفلةٌ ظلّت الطّريق
أنا من ضيّعت حواسَها و خلعتها قطعة قطعة
أنا المتوجِسةُ دائما أختبئ خلف ظلّي
أحتَمي بالشّمسِ من وجوهِهم الهُلامية
أنا من تسرِجُ النّجوم بأمنياتٍ حمقَى
و تواعدهَا عند بركةِ المَاء لترى وجهها كلّ ليلة
كلّ أحجارِ المدينةِ قذَفتُ بها إلى المَاء
هكذا كنتُ أقذف ّ بأحلامِي أيضًا.
أنا ماذا …؟
أنا النّاسكَةُ بدير ِالرّحمةِ
أفتح كلّ نوافذِي لأطعم عصافيرَ المدينةِ من حبّات قلبي
أمشّط شعر قطّتي و أعدّل ربطة عنق كلب جارتي
النّمل تعوّد على أن يقتات من فُتات ِقلبي
دموعي لم تعد مالحةً لم أتذوقها لكن النّحل فعل
أنا ماذا …؟
أنا قيثارةٌ حَزينة
لحنٌ عنيد لا يزال عالقا على أوتارِ عود زرياب
أنا إيقاعُ الحياة على البَسيطة
أنا أوّلُ شهقة للحبّ
و آخر أغنيةٍ دندنها القلب
أنا صَرخةُ الكونِ و النّشاز الّذي يرافقها
أنا الصّمتُ المقيمُ على شفاهِ الوجع
دويٌّ يخدش براءة الصّباح .
أنا ماذا ….؟
أنا اللونُ بكلّ تدَرُجاتهِ
الأحمر و القرمزي و البنفسجي
أنا البَياضُ الممتّدُ على صفحَاتِ العمر
أنا بقع الحبرِ المُنسكبةِ على صَدرِ الورق
أنا القُصصات الملونة الّتي يصنع منها الأطفال زوارقهم الصّغيرة و الكبيرة.
أنا ماذا …؟
أنا كلّ النّساء
أنثى لا تكفّ أبدًا عن الحلم .