كُلُّ المُدُنِ
إِذَا مَاتَتْ فِيْ مُخَيِّلَتِي
لَا تُخْلَقُ..
إِلَّاْ دِمَشْقَ
مَبعوثَةٌ حُسنًا
إلَّا دِمشقَ
فِيْ قَلْبِيْ مُخَلَّدَةٌ
وَحَيَّةٌ تُرْزَقُ
كُلُّ المُدُنِ
إذَا اصطلَتْ بغزوٍ
تصيرُ رُكامًا
إلَّا دمشقَ
من رمادِ الحربِ
تنهضُ عنقاءَ
فاخسَؤوا يا عُربانُ
وعلى أغصانِ ذُلِّكُم
ما شئتمُ انعَقوا
اسألوا قاسَيونَ
يُخبرُكُم عن شُموخِها
اسألوا الصَّليبَ
اسألوا الكَنائسَ
تَحكِي لكم عن شُيوخِها
اسألوا الياسَمينَ
يُنبئُكُم
كيفَ يُعانقُ أسوارَها؟
كيفَ يُقبِّل وجناتِها؟
كيفَ يُعطِّر فضاءاتِها
كُلَّ صُبحٍ ويعبقُ؟
اسألوا الجامعَ الأمويَّ
عنْ حمامٍ وادِعٍ يُناغيهِ
عنْ سائحٍ مفتونٍ
بِقراءةِ ماضيهِ
لا، بلِ اسألوهُ
عن تُركيٍّ حَالِمٍ
قالَ يومًا: سَأُصَلِّي فيهِ!
فكانَ كإبليسَ يأملُ بجنَّةٍ
وَها هوَ الآنَ
في جحيمِ انهزاماتِهِ
يَصلى ويُحرَقُ
كلُّ الطَّامِعينَ
أمامَ فتنةِ قَدِّها ركَعوا
لكنَّها، هيهاتَ تبسُمُ لهُم
هذي دمشقُ العُنفوانُ
يصرُخُ مجدُها
في وجهِ غاصِبٍ:
أمامَكَ شعبٌ صامدٌ
وخلفَكَ ماضٍ تليدٌ
أيًّا اخترتَ يا أحمقُ
فِي بحرِ بُطولاتِها
سوفَ تَغرَقُ