تبّاً ثلاثيّة الأبعاد/ بقلم:حيدر غراس. (العراق)

تبّاً،
وبمفردةٍ واحدةٍ تلحسينَ عقلي هذا
الذي يدَّعي الرزانةَ ضمنَ روزنامةِ أيّامِه الباردة،
ولتُساوي وقعَ جملةٍ اسميّةٍ،
ماذا لو كانت جملةً فعليّةً،
تاركاً لـ (تبّاً) هذا الزهوَ الخَبُولَ؟

كيفَ لها أن تتمسّدَ الدوزنةَ بينَ وتريّاتِ الرنينِ
وسلالمَ الـ (دو – ري – مي)،
تتوسّطُ أرجوحةً تتدلّى من شآبيبَ فمِكِ
لتحطَّ نورسةٌ بيضاءُ عندَ مداخلِ غضاريفِ الماء،
تُمرّغُ شفتيها ببَحّةِ حنجرةٍ
كان (داخل حسن) يشربُ الكحولَ ليُباريها.

بحرفينٍ وألفٍ زائدةٍ
تعلو ساريتَها سكّةَ قطارٍ تُحلِّقُ نحو الأعلى،
يمرُّ قطارُها
هكذا…
بصافراتِ إنذارِه، وركّابِه، وبطاقاتِه،
وسائقٍ فقدَ مقودَ القيادةِ
ليبرعَ بعِلمِ التنجيم،
وليرميَ ببدلتِه لي ملوّحاً بنجماتِها الصفراءِ.

ألم تُخبرْك يوماً معلمةُ الفنيّةِ
أن (تبّاً) وهي تخرجُ بينَ شفتيكِ طازجةً
تُعادلُ بحرارتِها احتراقَ غابةٍ
كلُّ أشجارِها مزروعةٌ بعلبِ الكبريت؟
وأن خشبَ الخيزرانِ يجفُّ مرّةً واحدةً
ليغدوَ مقاعدَ وثيرةً لملاهي الألعابِ؟

ألم يمرَّ ببالِكِ أنها تُعادلُ معجماً لغويّاً
وقواميسَ لم تمرَّ ببالِ اللغويّين يوماً؟
وأن تأتأةَ (تاءٍ) موازيةٌ لـ (ما) مع هزّةِ كتفيكِ
كفيلةٌ أن تُسقِطَ آخرَ نجمٍ قطبيٍّ
يُعالِجُ الصمودَ منذُ بدءِ خلقِ الأكوانِ؟

أولم يصدحْ بلسانِكِ صوتُ المزاميرِ؟
وكيفَ للصَّناجاتِ أن تغزوَ مضاربَ الغجرِ؟
ألم يُخبرْكِ العسكرُ
أن سِبطاناتِ البنادقِ تُطلى بالقصديرِ
حفاظاً عليها من وجعِ التسليك
كلّما كان لـ (تبّكِ) هذا الوقعُ المريبُ؟

هناك… في القُرى البعيدةِ،
عندَ خثرةِ الكلماتِ الرائبةِ بدسمِها الكامل،
الطافحُ جلدُها بقِشطةِ (التبّاً)
كفيلةٌ بسدِّ الجوعِ الناشئِ في فمِ تنانيرِ الطينِ.

وبما أنّي فلاحٌ لستُ عصريّاً،
أفلِّسُها، لتُفلِّسَني،
تاركاً لمخيخي الجلوسَ في زاويتِه السفليةِ
يتشرَّبُها كدرسٍ كورِياليٍّ في فنِّ الإنشاد،
وكنقراتِ دفٍّ صوفيٍّ في حضرةِ الأسياد.

(تبّاً)…
أتُدرِكين في سالفِ الأيّامِ
حينَ تزدحمُ المشاجبُ بجعجعةِ الأعدادِ،
وساحاتُ العرضِ الصباحيِّ بسرفِ الدباباتِ،
وقبلَهما بوقُ نهوضِ الصباحِ،
وكلذّةِ الفوزِ بساعةِ نومٍ إضافيّةٍ،
وأحلامٌ فارزةٌ مراهقةٌ
كلُّ مُناها أن تصبحَ شامةً على نهدِكِ،
هكذا هي (تبّاً)…
تأتي ملوّنةً كأقواسٍ،
وإن كانت قُزحيّةً حمراءَ.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!