أعرفُ كيسًا حملتهُ الرياح فصار منطادً يحمل العُشاق صوبَ الأفق،
أعرف آخرَ أيضاً جعل من نفسه جاسوسًا يراقب نوافذ المدينة
يُقبّلهن عند كل هبوبٍ ويعلو بالروائح والذكريات
ولكن أنا…!
وأنا في الهواء.. علقتُ بغيمةٍ مسافرة
متجهة نحو الأفق!
استعرتُ نجمةً ووضعتها داخلي بإحكام
قلت لنفسي:
أستعين بها في العتمة وأنفخُ بها برودة قلبي
ربما يمكنني العودة الآن!
الرياح تعصف بالأشياء الفارغة
وأنا لدي نجمة..
في الأفق..
كان هناك دخان كثيف
قصائد معلقةٌ هنا وهناك
حنينٌ من الزمن الماضوي
وأغنيةٌ مسافرة عالقة في السماء..
في إحدى الليالي بعد هدوء الرياح
بدأتُ أنا بالنزول قليلاً
تُحاصرني الغيوم من كل اتجاه
ككيسٍ مُضيء.. تزحلقتُ بينهنّ وحيدًا
أُمرر يدي هنا وهناك
أُخبرهُنّ عن حاجة الفلاحين للمطر..
أردتُ سماعَ حنين المزاريب في قريتنا البعيدة
وباعدتُ شيئاً فشيئاً
أبحثُ عن رائحةٍ من دخان القرى.
فجأةً
هبّتْ عاصفة الذكريات
تذبذبتُ وسط الغبار الكثيف
ومددتُ جناحيّ باتجاه الأغنية
ـ تعالي أنا كيس
يبحث عن الهواء الطلق.
لم تثق بي..!
حاولتُ إنقاذها من بعيد،
ولكن نارًا انبثقت من صدري فجأةً
لقد كانت النجمة المستعارة!
خبأتها من هبوب الرياح
أحرقتني لخمسين أغنية للوراء
وثقبت خافقي واستدارت باتجاه الأفق!
تسرّب مني الهواء العليل
وأصبحتُ كيسًا بلا فائدة
مرميًا على حافة القصيدة
لا ينتظرني أحد
ولا يمكنني الطيران أيضًا
وداخلي امتلأ بالرماد..!