نَحنُ العابِرون،
الَّذينَ نَتَوَكَّأُ على نايٍ قَديمٍ
كَأَنَّهُ جَدَّتُنا تُهَدْهِدُ الذّاكرةَ،
نَستَيقِظُ كُلَّ فَجرٍ
عَلى ما تَبَقّى مِن آياتِ الضَّوءِ،
نَمشِي حُفاةً
فَوقَ خَرائِطٍ مُشَوَّهَةٍ
بِأَظافِرِ الزَّمَنِ وَخَناجِرِهِ،
غَيرَ أَنّا نَرفَعُ قُلوبَنا كَراياتٍ
نُوقِنُ أَنَّ في آخِرِ المَدى
تَنتَظِرُنا قِيامَةٌ مِن ياسَمين.
نحنُ الَّذينَ نَكتُبُ أَسماءَنا
بِالحِبرِ المُتَسَرِّبِ مِن جُروحِنا،
نُقَشِّرُ الحُلمَ كَبرتَقالَةٍ في عِزِّ الشِّتاءِ،
نُخَبِّئُ في قيعانِ صُدورِنا
مَفاتيحَ المُدُنِ الضّائِعَة،
نَحرُسُ في لَيالِينا
أَشجارًا لَم تُثمِر بَعدُ
لَكِنَّها تَعرِفُ أَنَّ الرِّيحَ
لَيسَت سِوى امتِحانٍ عابِر،
وَأَنَّ الغَيمَ مَهما ابتَلَعَ النَّهارَ
سَتسقِطُ ذاتَ فَجأَةٍ
أَطفالًا مِنَ المَطَر.
وَصَلنا إِلى الحافَّةِ الأَخيرةِ،
نثُرُنا ما تَبَقّى في أَيدِينا
كَحَبّاتِ قَمحٍ في وَجهِ الغِياب،
وَضحَكنا لِلعَدَمِ كَي يَرتَبِك،
ترُكنا لِلكَونِ أَثَرًا شَفيفًا
كَأَنَّهُ تَوقيعُ نُورٍ
عَلى جِدارِ العَتمَة.