جئنا متأخرين.. وقد انتهى كل شيء
قد رُويت الحكاية، ووزّعت الحصص
رُسمت الخرائط، شُيّدت الحدود
وقُسّمت الأرض كما تُقسّم الغنائم.
جئنا وقد ضاقت الجهات
لكل بحر اسم، ولكل ساحل لقب لا يعنيه
والمحيطات صارت أملاكًا!
من وصلوا السماء أغلقوها خلفهم
قبل أن نحبو.. كانوا قد صعدوا
ثقبوا الغيم، علّقوا أسماءهم على النجوم،
وسوّروا الكواكب…
حجزوا مقاعدهم في الجنّة
وقد حجزوا الجحيم كذلك..
لقد سبقونا حتى في المصير.
جئنا متأخرين..
فلا الأسماء حصرًا لنا، ولا الصفات تمنحنا الفرادة..
لم نجد مساحة فارغة لكتابة ذواتنا
نكتب فوق من كتبوا
ومن سيجيئون من بعدنا لن يجدوا دليلًا لوجودنا
سوى الخربشات
لم نكن نسخًا..
كنا خليطًا غير مفهوم
العالم مشبع بالمتقدمين
ممتلئ ويفيض..
جئنا وقد أخذوا كل شيء
وقد قالوا كل شيء
وتركوا على مدخل الحياة لافتة صغيرة:
“كن أنت”
فمن أنت؟
يا ذيل الصدى
يا آخر البقايا
من أنت لتكون أنت؟
يا من تكرّر اسمه
يا حصاد الآخرين