هذِه الأرْوقَةُ فِي شَارعِ الصَّمتِ
حَزيِنَة
الأقبِيةُ الخَضَراءُ وأسْوارُ المدينةِ حَزِينَة
جِدارِيتُنا علَى الرّصِيفِ
تنْزفُ دُخانَ المَوتَى
تُراوِغُ صَدأ الأصابعِ المُهملةِ..
ونَظرَات
شَامتٍ
مُقنَّعٍ
المارَّة تحْملُ تجَاعِيدَها فِي جُيوبٍ
أنْشَدتْ لَحنَ الفَراغِ
وتَرْمِي بغَمزِها الحَارِقِ سُورَ المَدينة …
الطُّيورُ تَنقرُ عينَ البراقِ
الجُرْذان تقْضُمُ قَصَبةَ حفَّارِ القُبورِ..
الحُرُوفُ ترْفعُ حِدَّة اللَّاامْتثَالِ كلَّمَا تَموَّهَتِ بَينَها الحَقيقَة..
الأصْباغُ تَحيَّلتْ سَماءًا غَيرَ السَّمَاءِ
لِتُعيدَ الإطارَ لِشجَرةِ الأصْلِ
والمُلثّمات تُشذّبن المَشيَّ مِن العَارِ
وَتمْسَحنَ الطُّرُقاتِ مِنَ الخَطيئةِ
لِخَتمِ مَوَاسِم الضّياعِ بِمِيلادِ ورْدَة
عَفْوًا
لَقَد جَمعْتُ تَفَاصِيلَ الجَرِيمَةِ مَعَ أشْياءٍ تُقاسِمُنِي عُمقَ الدَّهْشةِ
وها أنَا أعُدّ ومَضَاتِي بقَليلٍ مِن الصَّبْرِ ..
قَد نَلتقِي قُرْبَ الدَّمارِ لنُكفْكِفَ دُمُوعَنَا..
أمَامَ أطْفَالنَا ..
أمَامَ نِسَاءِنَا..
أمَامَ خِذلانِ سَادةِ القَبيلَةِ
عَفوًا
لقَد صَاحَبتُ المَتاهةَ رَدحًا من اللاَّزَمن
فتَهيأت لِي الحَقيقَة طَيفًا
ظِلُّهَا خَافِت كَحَبلِ مَاءٍ في شَلالٍ
يَبعُدُ الأرْضَ مَسافةَ حُزنِي ,
والآنَ طَريقي بَعيَدة عَن عَويلِ الذئاب
حَظٌّ مَشْرُوطٌ
لِنَشْرِ أشْعارِي خَارِجَ نِطَاقِ اللَّامَعقُولِ
ولُغتِي مَمزُوجة برَحيقِ الوَردِ الناذِرِ
تمَامًا لِحِياكةِ جِلبابًا للِصحْراءِ
هَامتِي بِظلِّهَا تَتبعنُي بِلا قَيدٍ ..
لِلرَّقصِ كَما أشَاءُ عَلى نَغمَاتِ الصّمْتِ …
لا شَيءَ يَفْصِلُنِي عنْ مفرَشِي سِوَى أوْمأت لِصُورَةِ كَلبِي بِيلْوَانْ
فَهُوَ لمْ يَمُتْ
ولا يَكُفُّ عَنِ النُباحِ ….
عَفْوًا
قَبَسُ النّار الذّي يَنمُو بينَ أظافِرِي
انتَهَى رَمَادًا فِي عينٍ خرَّقها اليأسُ فأتلَفتُ العَطِيّة
انْتهَى سَرابًا يُرقصُنِي عَلى خَواءٍ مُطْلقٍ
تَحُدُّهُ المَتاهَةُ جِهةَ الرُّعْبِ
ويُجْبِرُهُ عُقْمُ المَدَى عَلَى إجْهاضِ بَاكُورَةَ العِشْقِ
قَبلَ صَيْحَةِ الوَدَاعِ
فَحِينَ تنمَّلتْ تحْتَ قَدمِي كُلَّ المَسَافاتِ
ألقَيْتُ بِمِعْطَفِي خَلفَ هَضَبة المَوتِ
فأتَحْتُ لِشَياطِينِي جَهْرًا
حَفْرَ خَندَق فِي السّمَاءِ تَحْتمِي فِي ظِلِّهِ الظِّلالُ
عفْوًا
لقد نَصَّبتُ نفسِي ومُنذُ الآنَ أمِيرًا علَى دُنياكُم
بعَينٍ واحِدَة
تاجُ مُلكِي من تُرابٍ
وعَصَاي مِن كَرمةِ الأنبِياءِ
وعَمامتِي شَرقيةٍ لا غرْبية…
مَوكِبِي نَحْو النّهْرِ تدبِّرُهُ الطُّيُورُ
صَلاتِي ثَابِتة عَلى سَجادَة مِنْ حَرِيرٍ لا تُخفِي أثرَ اليَقِينِ
أنِّي صاحبَ الحَالِ والمُحالِ
وقُصُورِي رَملِيَّة قُرِبَ فَوهَة الرِّيحِ
عَرشِي مِن زُجاجٍ يَكشِفُ نَواياكُم مَسافَةَ الحُمقِ الذِّي يَسْتهْوِي الأُمَرَاء
حَتمًا الطَّاعَةُ مِلكٌ للْجَميعِ
وأسْرَابُ الحَرِيمِ حَولِي مُجرَّدَ حُلمٍ
فِي سَفينةٍ تغْرقُ
والَّناجِي فِيها ثُعبانٌ أطْوَل مِن لِسانِ الشعْبِ
عَفوًا
حِينَ جَسّدتُ دَوْرَ البهْلوَان فِي بهْوِ العَرَاءِ
كانَتْ سَاعَاتِي عمُودِية ضِدَّ الزمَنِ
وفَتائِلُ شُمُوعِي شاقُوليةِ الحظِّ
غَيّبنِي عِنَادِي خارِجَ دَائِرَةِ ضَوْءٍ تَعكِسُ هَامَتِي
شَرِيدًا
طَرِيدًا
خَجُولاً
وهَذا الرَّكحُ المَائِي مَطيَّتِي صَوْبَ الذُبولِ
تُحَاورُنِي دُمى المُحِيطِ بِكلِّ الُّلغَاتِ
وأنا هامِدٌ كَصخْرَةٍ فَاقَ عَرْضُها أضْلاعَ صْبرِي
أتلَفْتُ الحِوار ..
تعَالَ مِنْ حَولِي صَفيرُ الصِّغَار
كُنتُ أعِي أنِّي شِبْهَ بَهْلوَانٍ تَنقُصُهُ مِلحُ الأرضِ
لإخْفاءِ رَائِحَةَ المَوتِ..
أنِّي لاشَيءَ حِينَ الأشْياءُ تتشيّأُ…
لكن
حِينَ أدَرْتُ ظَهرِي لِجَمهُورِي
تيقَنَ الجَميعُ أن خَطيئتِي مُجردَ وَهمٍ وَادعَاءٍ .