ربما كنتُ أبًا في حياةٍ سابقة،
أو شجرةً ظليلةً يلتف حولها أطفال؛
يتوسلون أمهاتهم الغائبات، بالعودة!
ربما،
مُعلِّما مخلصا في ميتمٍ يتداعى!
أو حارسًا لكتاتيب في الزمن البائد!
عندما أفكر في الأمر، أعرف أنني
لن أستطيع كبح نفسي من فعلها ؛
برغم فلسفتي المعرية؛
من تلك الرغبة التي تضرب دماغي
وتُبقيني مستيقظًا طوال الليل..
لديَّ حنينٌ غامضٌ لفلذة كبدي التي لم تتخلّق بعد، حنين أخاتل به رعب أن يغدو المغزى، أنني سوف أنجبه فحسب؛
كأنما أصمّ عن صرخة ضد الأنانية،
وأتجاهل،صدى بكاء طفلٍ جائع
في متاهة أبوَّتي.
حتى حين نتنكر لبعضنا في الجوهر،
لا نضيع ولو في الهـوامش؛
شيءٌ ما يجذبنا إلى بعضنا؛
كأننا خيطان في نسيجٍ مترابط،
نلتقي، ونتقاطع مرةً بعد أخرى.
وحين أغمض عينيّ،
أرى وجه طفلٍ حزين،
بعينين تشبهان بحرًا من دموعٍ مجمدة،
يريد أن يهمس لي بشيءٍ يخصني،
لكنه لا يتكلم
يصمت،
ويظل على صمته،
دون أن أحاول إقناعه بالعدول عنه.
أناديه: “يا بني، توخَّ الحذر، لا تأتِ؛
هذا المكان والزمان لم يعودا آمنين.”
أقولها.. وأرجو ألا يسمعني.
وأعرف أنني لا أريده أن يعيش حياتي،
أريد أن أصنع له عالمًا خاصًا،
لا يشبه كلَّما حاربته وعشت فيه..
أن يصير كلَّما لم أستطع أن أكونه،
عدا أنني لا أملك وسيلة للاعتناء به كما ينبغي، وكما يجب أن تكون عليه العائلة،
ولكنني،
عن دوامة القلق؛ أنخرط في دوامة الحدث،
دون أن أمنطق مخاوفي،
حين أراه يهبط على حبالٍ بيضاء
من خلف الغيم،
يمشي على أصابع مشاعري؛ كي لا يوقظ نعاس المسؤولية.
أتمعن في ملامحه وحركاته المألوفة.
إنه مألوف جداً!
وقريبا جدا!
كما لو أن بيننا غشاء رقيق يفصل بين عالمين
لو خرقتُه،
لخرج إلي فاردا ذراعيه.
“أريدُه..”
وبرغم أن ذلك من السابق لأوانه،
أتمنى أن يكون ممكنا
كستسلام،
أو طريقة لا تلقنني أبجدية الندم
كخطأ مجبر على تقبله!
“ولا أريد”
ولكن بطريقةٍ ما،
أعرف أن هذا سيحدث،
وأنّني لن أستطيع منع نفسي من فعل هذا.