في وسط الصحراء، حيثُ الخيام
والرمال سجلت ذاكرة اللجوء
،كانت رفحاء حكايةً من البساطة والحنين،
حيثُ كنا نسكنُ خياماً،
مخبأً للأمل، في صحراءٍ لا تعرف السكون.
كان تحت سقف الخيامُ أحلامَ اللاجئين،
تجمعُ مابين صوتِ النسيم وصرخةِ العيون
التي كانت تبحثُ عن الوطن
في ليالٍ مظلمةٍ تكتسيها صمتُ الرمال،
لكن مع تقلبِ الزمن وتبدلِ الأحوال،
بدأت رفحاء تُعيدُ رسمَ معالمِها،
ففي السنوات الأخيرة،
رفحاء لم تعد كما كانت،
اختلط فيها رائحةُ التراب والرمل بعبيرِ التغيير،
وتحكي قصةَ صمودٍ وتحدٍ
أمام قسوةِ الزمن وقسوة السجان.
رفحاء في وسط الصحراءِ، حيثُ الرمالُ على نَفَسِ الريح،
و الذكرياتُ برفقة أغنياتِ البدايات،
كانت رفحاءُ مكان الحنين،
تُظلّلُها خيامٌ كالأحلامِ الهائمةِ في صحراءٍ لا تعرفُ النسيان.
هناك، حيثُ الليلُ الغريب،
والنجومُ تضيئ العيونَ الساهرة،
كانت الخيامُ حكاياتِ اللاجئين،
تجمعُ في أوتادِها أملَ التائهين،
وترسمُ على الرمالِ دروبَ العائدين
لكنَّ الزمنَ لا يهادن.
فرفحاءُ تبقى بين الأمسِ واليومِ
قصيدةً يكتبُها الزمانُ على دفترِ الصحراء،
ويحفظُها المساءُ في ذاكرةِ النجوم
رفحاء بين الخيام والمستقبل
على امتدادِ الريحِ، في قلبِ صحراءٍ بلا وعد،
رفحاءُ كانت ظلًّا للعابرين،
تُمسِكُ أطرافَ المسافةِ بين الغيابِ والانتظار.
هناك، حيث كان
الأملُ خيطًا يُشدُّ على الأوتاد،
عاشوا غرباءُ حملوا الوطنَ على شفاههم،
وناموا على حافةِ الحنين،
لكنّ الزمنَ لا يتركُ الأشياءَ كما هي،
فالخيامُ التي هزّتها العواصفُ كثيرًا،
لم تسقط، بل تحوّلت،
إلى ماض يُحكى،
ولا حاضراً يكتمل،
هي سِفرٌ مفتوحٌ على التغيير،
تكتبُه الأقدامُ،
على امتداد الرملِ، حيثُ لا ظلَّ إلا للوقت،
كانت الخيامُ علامةً للطريق،
تتبدّلُ مواقعُها، لكنّ أثرها لا يزول.
على أطراف المسافة،
نُسجت من قماشٍ يعبرُ الفصول،
تحتها مضى العمرُ بين صوتِ الريحِ
وصمتِ الأفق.
لم يكن التبدّلُ متوقعا،
لكنه جاء كما تأتي الفصول،
تَقَدَّم الرملُ نحو أشكالٍ أخرى،
ثبتت على الأرضِ، لكنها لم تُغيّر الجهات.
لا يبتعدُ شيءٌ عن أصله،
رفحاءُ كما كانت،
علامةٌ أخرى،
لكن الطريقَ هو ذاته
في امتداد الصحراء،
حيثُ كلُّ الطرقِ متشابهةٌ إلا لمن يعرفُ أثرَ الخطى،
كانت الخيامُ تنبثقُ كعلاماتٍ في الفراغ،
خفيفةً بما يكفي لترحل،
وثقيلةً بما يكفي لتترك ظلاً على الرمل.
لم تكن رفحاءُ بدايةً ولا نهاية،
بل محطةٌ تتكررُ بأشكالٍ مختلفة،
تُعادُ صياغتُها كلما تغيّرَ المعنى،
لكنّ خطوطها الأولى لم تُمحَ،
كأن الزمنَ يتركُ نُسختهُ القديمةَ في الخلف،
ثم يمضي دون أن يلتفت.
في تلك المساحات،
لم يكن السقفُ سوى قماشٍ مشدود،
ولا الجدرانُ سوى هواءٍ يترددُ بين الأعمدة،
كان المكانُ مؤقتًا، لكنه طال،
وكان العابرون غرباءَ، حتى صاروا جزءًا من المشهد.
ثم جاء التغييرُ ببطءٍ يشبهُ تبدّلَ الفصول،
لم تسقطِ الخيام، لكنها تراجعت،
لم تُمحَ، لكنها ابتعدتْ عن المركز،
صار للرملِ أشكالٌ جديدة،
وللطرقاتِ حدودٌ لا تتحركُ مع الريح.
رفحاءُ ليست كما كانت،
لكنّها لم تخرج من ذاتها،
النسيجُ تغيّر، لكن المسافةَ بقيت،
العلاماتُ تبدّلت، لكن الطريقَ هو ذاته،
لا يبتعدُ شيءٌ عن أصله،
بل يعيدُ تشكيلهُ بطريقةٍ أخرى.
