سراب الحقائق/ بقلم: محمد النبالي (الأردن)

وحدي على الطرقات ” سراب الحقائق
وحـدي أسير … مُنـذُ آدمَ الأوَّل ما زلتُ أسير … مدائن وقُـرى وأزقَّـة وطــرقــات مـضيئة لا تعـرف غـير الصَّخَب ..

وحـدي سأُكملُ ، لا لأني أُحبُّ أنْ أكُون وحـدِي ولكنهم تخـلَّوْا عنِّي جميعًا فأنـا مُجــبرٌ على السَّير وحـدي

في قلبي ها هنا أُمَّـةٌ منَ الـبُؤس ، وشعبٌ منَ الـحَيْرَةِ ..

في ضلوعي زمنٌ منَ الألـم ، وسنوات طويلةٌ منَ القهر ..

في دمِي صوتٌ محبوس ، ونـفَسٌ مُغتـال ، وأسرارٌ لا يُباحُ بها ..

وحـدي على طُــرُوقـاتِ الـمـدينة أنظـر فلا أرى إلاَّ عُهْـرَ مَنْ عاشُوا مِنْ دمِ الفقراء والمساكين ..

وحـدي على طُـرقات الْقُرَى الـحزينة أنظـرُ فلا أجـد سوى بقـرةٍ هزيلةٍ

ينتظـــرُها أيتامٌ أجسادُهم أذابها الــــبردُ ..
وحـدِي على طُـرُقاتِ الأزِقَّـة أنظـرُ فلا أجـد غـيـر شبابٍ لـم يـجـد مستقبلاً فعاش بلا ماضٍ ولا حاضرٍ ، قضيَّــتُــه أنـه يـحيـا عَـبثًا ، لأنه يـحيا من أجل :

اللا شيء .. !
وحـدِي على طُـرُقات عُــزلتي ، أُحادثُ ضميري : كيف تركتُ أقدامي القديمة ؟

كيف أسلمتُ أصابعي لأكُفِّ الحاضر الذي فَــرَّ مِنْ بينها سريعًا ؟

ويقول كيف أواجـــه المستــقبل وأنـا مُقـبِـلٌ على حقائقَ اسمُها العَدَم

ما زلتُ أعيشُ لأنَّ قَــدَرِي أنْ أعيش ..

وما زلتُ أحيا لأنني ما زلتُ أملكُ بقـيَّـةً مِنْ هذه الأنـفاس ..

أيتها الحياةُ .. وحـــدِي على الطُّلقات ، لأنني .. سأظـلُّ وحـدِي !

سأظـلُّ وحـدِي ؛ لأنـه مِنَ الَخـيبَـةِ أنْ أركَنَ إلى أُنـاسٍ لا أجِـدُ سواهُم فأنـا
مُجـبرٌ على الرُّكُونِ إليهم ..

لا أُريـد منَ الحياةِ أن تكُونَ هنا ، فقط أُريـد منها أنْ تـرحـلَ هيَ الأُخـرى ، أُريـدُ أنْ أذهبَ إلى الأبـديـَّـة وأنْ أُواجهها ، لكني أيضًا أُريـدُ إِذا ما صرتُ هناك .. أُريـــدُ أنْ أظـــلَّ وحـدِي ..

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!