السماء التي اصطحبتني
من أمام المنزل حتى البحيرة
دفعتني إلى الماء لتعلمني السباحة
كانت توشوش الأسماك أن تنزع
من قلبي قوانين الصحراء
أن تنزع الأحقاد التي تشعل النيران
في صباح مسالم
علمتني السماء أن أدواي الجراح
برحيق الزهور والأغنيات التي ترددها
الأمهات لأطفالهن قبل النوم
أنا طفل هزم الشياطين
التي حاولت مرارا اغتيال الملائكة
المقيمة في ظلي وفوق سريري
طفل تخطي المتاريس
المقامة لبتر قدميه المسبوكتين
من عظام الحمام
المزينتين بحدوتين من طمي القرى
طفل يهدهد الرياح المحملة بسموم
الكارهين لضوء المصابيح
المضيئين بظلمة الكهوف
الراقصين على إيقاع طبول الحروب
المنتشين بدماء الزهور وصراخ العصافير
طفل يطهو الطعام على بخار رئتيه
يصنع من جسده مائدة يجلس عليها
من يخبئ في سرواله خنجرا
يصوبه في ظهره الذي حمله كثيرا
حينما عجز عن الوقوف علي قدميه
طفل تعلم أن يصعد النخيل لجلب الثمار
لا يصوب الحجارة نحوها
كي لايسقط عصفورا بالخطأ
طفل تعلم أن يمشي على أطراف قدميه
ليضع بضع قبلات على رأس أمه المتعبة
من عناء الحياة التي خطفت زوجها فجأة
علمتني السماء أن أتحمل المسامير
المرشوقة في قلبي بلا آهة
تفسد حلاوة الألم
علمتني السماء أن أكون شجرة
تنبت مرة أخرى كلما اقتلعها الحطابون
أن أكون سحابة تهطل كلما جفت الأنهار
أن أكون نبعا كلما أوشكت القوافل على الموت
أن أكون وردة كلما ذبلت الحدائق
أن أكون نافذة كلما تحولت المنازل
إلى أسوار لا نهاية لها
أن أكون صلاة
كلما أوشك العالم على الزوال
علمتني السماء أن أكون سماء
لاترتجف من صوت القنابل والمدافع
لاتموت من لدغة أفعى
ماتت على الفور
من ابتسامة طاغية
لاتفارق قلبي