كل المدن أنثى…
وهذا ليس مديحًا.
المدينة تُغريك،
تُربّت على كتفك بيدٍ ناعمة
وتخبئ خلف ظهرها أمراً بالطرد
تغني لك في المطار،
وتصمت حين تتجذر في قلبها.
تمنحك ساحة،
وتحاصرك في الزقاق.
وأنا…
كلما سكنتُ مدينة،
اكتشفت أنني مجرّد مؤنث زائد
في جملة لا تحتمل ضميرًا حيًّا
وكل أنثى… منفى.
ليس لأنها غريبة،
بل لأن لا أحد يحتمل امرأة
تحمل أسئلتها في حقيبة،
وترفض أن تُفتش عند العبور
كل أنثى خريطة ناقصة
ترفض أن يملأها الآخرون بالحدود.
كل أنثى وطن مرفوض في اتفاقية الذكور
أنا مشيتُ في المدن بلا حجابٍ للهوية،
لكنهم لم يروني،
لأنني لم أرتدِ وجههم.
أنا قلتُ “لا” أكثر مما يُحتمل،
فضاقت بي المدينة،
وتحولت الشوارع إلى لجان تفتيش.
كل المدن أنثى…
متقلبة، ملغومة، مزينة بمرآة،
وكل أنثى منفى
حين ترفض أن تكون ديكورًا في عرض وطني،
أو موسيقى خلفيّة في خطاب حبّ
أنا لا أطلب إذنَ عبور،
ولا ختمَ إقامة.
أنا البلاد التي لا تُستعمر،
ولا تنزف لأجل سائح متجول
أنا منفى
لأنني اخترت أن لا أكون قفصًا
يعيش فيه الحبّ أو الوطن
ببطاقة تموين عاطفي.
كل المدن أنثى…
وكل أنثى — حين تقول “أنا” —
تصبح قارةً مطرودة
من خريطة الطاعة