لا تغادر القصيدة
كي لا تصاب بضربة بكاء
أو باحتقان جنون في حلق الفكرة
كي لا يشد الزعفران قبضته على أحلامك
فيستفيق اليقين على خيبة وطن
كي لا تروح في حوار الفقر الى أخره
و يزيد بلل طينك عفن الرؤى و زَيَغُ الميزان في عرف الشوارع
كي لا تصطدم بجروح جدائل العاشقات
و وعود اللقى الذاهبة أدراج الريح
كي لا تصاب بعدوى البلادة
و انهزام الخيل في سباقات التلال العالية
لا تغادر القصيدة
و ارفل بنكهة الملح في عيون الشوق
خبث الدراق على شفاه الخيال
ضحكة الناي في أقاصيص الغزلان في الغابات البعيدة
امتهن ما شئت
نحّات يغازل خصر الصخر حتى يصير قلب
ينقر نشوة الجبال فتولد الربابات على أول النهر
يدوزن صلصال الكمنجات
يرشّ عليه كمشة قرنفل و قضمة من رحيق الجان
فتطلع من رحم اللحن امرأة غجرية
فلاحا لو شئت
يدس جذوره في عاشر أرض
يشهر منجله في وجه طغاة الأرض
يعرّش من أول الأنين الى أخر الحنين
يُدرّس الأخضر للعابرين
ويقول للغيم و الشمس
ها أنا ظل وطن
ولو شئت كن رساما عاشقا
اترك اللون يرعى في مراعي اللقاء
علمه كيف يصير مائلا لعينها قبل الشروق
و مائلا جدا الى سنابلها قبيل الغروب
و ارسم لها فستانا بلون البحر و تغريد البلابل
و مشطا من أصابع القصيدة الشغوفة
ارسم مقعدا فوق تلة خضراء تطل على الحب
مقعدا يتسع لاحتضان و حديث أنفاس
و ارسم جوقة على غيم تجيد لحن المطر
اتكئ على البرتقالي مقدار ارتشاف و سيجارة
و انتظرها الى أن ينضج اللون
كن ما شئت ولا تغادر القصيدة
حتى لا يفاجئك الصوت و الصدى
بأن القوت حلم
و الأخبار حامضة كالليمون
بأن النخيل بلا عرجون
الياسمين لا يحسن الغناء
و الفجّار ساسة
و الفسّاد وطنيون