عندما نجلس سوياً،أشعر بارتعاش الفراشات فوق شفة الماء وأشعر بارتباك الهواء بين أنفاسنا،لا أدري هل لأننا نجلس سويا في اللامكان أم لأن موسيقى الخيال جالست ضحكاتنا؟
أكتب لك وأنا خائفة من قلبي،أصابعي وكلماتي الرطبة كرخام مجروح،هل لأنني أغمض عيني على عينيك أم لأننا نغمضها سوياً على خد المطر؟لا أعلم…
لكني أعلم بأنك حزين، وحيد ومتعب من سفر قديم وسفرٍ آتٍ، و بأنك تحاول أن تخفي تورم أعصاب قلبك عن روحي.
وأعلم بأنك تمشي نحوي بحبٍ ولهفة لنجلس معاً لبضع دقائق خارج دائرة الزمن وتسير نحوها برحمة وثبات لتضمد جروحها المفتوحة بوجه الطيور الوحشية.
عندما نجلس سوياً،تضيع من يدي طلقات الغاردينيا وعشب المرايا ويبقى فوق ركبتي أثر أقدام الخيول الهاربة من غابات شفتيك.
أعترف لك،بأنني أتحسسك كتحسسي لجلدي المريض،ولكني لا أعلم ماذا أشعر اتجاه عينيك،ذراعيك،صوتك،صمتك وظلَّك الغافي فوق لحم خيالي ،لا أعلم فأنا حائرة كشمس هاربة من السماء وكشجرة هاربة من الريح،حائرة وهاربة كي لا تسقط مني نفسي أمامنا.
أكتب لك،وأرغب بأن أسألك إن كنت تشعر مثلي بصوت البلابل وأنت تحدثني عن حقائب الراحلين وأمتعة التائهين في المدينة،وإن كنت تشعر بأنين الكمنجات العتيقة وأنت تعدل من جلستك قائلا”الساعات بيننا تذوب كقطعة ثلج في فم الوردة”؟
ولا أعلم إن كنت تشعر ببكاء أصابعي على الطاولة وأنا أتأملك بصمت،لا أعلم …
إنها الساعة الثالثة صباحاً،بعد مرور يومين من كتابتي لهذه الرسالة،أعترف مجدداً الان بأني مضطربة كبيانو يتكسر إيقاعه ما بين لحن ناي ولحن جرس صدئ.
لكنني خائفة من أيام تهرول بلا أقدام ودموع تضحك بفم مجروح،خائفة ربما لأنني بدأت أتخيلك كرجل بيدٍ من دم وموت،خائفة أتخيلك وأبكي،أبكي وأفتش عنك،أفتش عنك وأنتظرك،أنتظرك تأتي ولا تأتي.
فعندما نجلس أنسى بؤس المواعيد المؤجلة في الحياة وأنسى بأن لا شيء بيننا يوجعنا سوى الموت.