لن تمنعني كتبُ كانط
و فويرباخ من أن أحبك
بجنون ضئيل
مثل من يبصر الغيمة قصية
و يجهد نفسه
لإفراغها بفمه.
مثل من يجد الجرح لذيذا
على أشد عظامه هشاشة..
أما صباح غائم
لن يمنعني صباح نصف غائم
من أن أصرخ رغم لا أدريتي العتيقة:
هناك أثرٌ ليدكِ على عشب
بلدةٍ لم يكن لك عهد بها
سأحاول أن أغرزه بقدم.
**
ثمة فراشة
تطير ملولة
محاولة ان تفترسني
تذهب ببصري بعيدا و تلهم فمي
الصمت و يدي معانقة المضي قدما
فانا جالس بانتظارك في إحدى مقاهي
رامسر
لكن ظلالي لا أهمية لها
وقد تعين على البشرية إسناد الجدران.
**
أنظف نظام حياتي
بفوضى طفيفة، أبيقوريتي بروحانية
و جراحي الموحلة
بماء النبع و الرماد،
أنظف كلماتي التي تجدينها شائعة
بإبقائها مهملة
لوقت ما
أما أحبك فإن تلك الكلمة
كالمنكسة لأخلفَ من وراء حياتي
غباراً فقط.
**
هؤلاء الذين رأوا
الأسباب و النتائج، الأمل
و النفور منه، الحطام
و محاولات التطلع لغدٍ أقل عفناً،
هؤلاء الذين
ما يزالون يجدون ما يحفزهم
في الإقبال نحو حيواتهم
ليس سيئاً أن نحبهم أو نبغضهم
لكنهم ليسوا جديرين بأن نمنحهم الثقة
على اعتبار ألا يوجد أوغاد في العالم
كالموتى.
**
أدعو إلهي ألا يتلف قلبي فوق سطوح الحب المشمسة
فهو الذي أبدع الجمال ولن يقبل
أن نستوحشه،
الذي خلق السكينة
و الصخب
من أجل أن نكون مناسبين
للصمت و الذعر
في عهدين مختلفين..
أدعو ذلك الإله النبيل كسنبلة
ألا يضع لي عيني صياد
أوان التحديق فيما مضى
و عيني فريسة عند التطلع للغد.
**
وحيدون ومحبوبون
من يتفقدون وجوه
المقهى الليلي
لأن أحداً لم يخبرهم بأنه قادم
في الضباب،
من لا يملكون مؤونة
لأن أقل ما هو من ذلك
كاف بالنسبة لهم،
من يجدونني أباً
لأنهم مجروحون وابناً
لأن حيواتهم القديمة تتبدد كالدمى.
**
يبدو أني أتمتع بالشباب
وصحتي جيدة
لأن إصلاح بلادي لم يعد ضمن أولوياتي
و ذلك لم يحدث
تلقائياً
إذ بذلت جهداً لأغدو
بالنسبة لبلادي
إنساناً ذا عاطفة نظيفة
و عقل أكثر صلابة
لكن بلادي إن كانت هذه هي بلادي حقاً
تصرفتْ بالطريقة
التي يتصرف بها جباة الضرائب
الذين تفشل غالباً في أن تحسبهم
لصوصاً
أو حمقى.
**
فرضتْ علي الكتيبات التي
التهمتها في الطفولة
أن أجد المرأة كائناً أدنى
مرتبة مني
فانصرفتُ لأقبل يد
أمي و رفيقتي
و أعلنت بأني عدو الكتب
موقناً أن العديد
من أفكار مؤلفي الكتب
تبخس أوهام القراء.
**
لا أحب أن يقول لي أحد
أنك قاس
فلأي سبب تستمتع بالشمس؟
أنك أحمق تذرف الدموع
حين يمضي الجميع
ليلتهم مقهقهين،
جاد أكثر مما ينبغي
حيث تسير الأمور على نحو من السخرية الفذة،
لا أحب أن أتصرف بما يدل على
أني قوي كالطوب
الذي يسند بعضه بعضاً فيقع.
**
لم أدع الموت رفيقاً وقد استوحشت
ضرورته الآثمة؟
أنه لأفق مرير أن يخيل لي
لساني مثل قطعة خشب موحلة،
قضيبي منكمشاً
كالجرذ الميت،
وجهي محض عظام غير ناصعة،
عيناي بالنجوم التي
آنستهما
لا يدلان على أنهما نظرا لأي شي..
أنه لأفق مرير أن يتراءى لي
القلب الذي أحبك
مملوءاً بالديدان.
**
مهووس في الإجابة
عن سؤال إن كان قد جاء
كل شي في ميعاده
حتى اللحظة التي نهرم بها
بإصرار غريب،
يمكن لأحدنا أن ينام بدلاً
من أن ينتظر،
أن ينكسر بدلاً من أن يطلب العفو،
أن يمضي قدما
بدلاً من أن يجد سبباً
للالتفات
غالباً ما نلتفت بجدية الأقدام الغاطسة في الطين
فيتضاءل السبب.
**
السلام عليك يا جاري العزيز
سمعت انك غرست شجيرة
بين سياجي بيتنا
وقلتَ أن ثمارها ستكون لك وحدك
و ظلالها ستقسم بيننا
بعدالة..
أقول الآن مباركة لك ثمار شجرتك القادمة
أما حصتي من ظلالها
فلا تلزمني إلا في الليل.
**
لا تذهب خلف القط
إذا كان خائفا، هذه حكمتي النهائية
و لذلك لم يرد في الكتب
القديمة
أن إنسانا
تبع قطاً
ولم يشعره بالهلع..
لا تقل أن القط سبب كآبتي
لأننا مهما بالغنا بتصوير
ضغينته
فليس ثمة قط يخبئ
الفئران الزائفة
في قصائد القطط.
**
هذه القصيدة الأخيرة
قبل أن أعود إلى حياتي
كأحد الثدييات متوسطة
الضخمة،
تكون لي أنياب حادة
و أظفاز تنبت
في الوحل،
غذاء ساذج و شتاء صيد طويل..
قبل ألا أطلق حرية الحيوان
الذي يقبع
في ظلام جهازي الهضني
دون أن اشرح له الحرية،
ألقي له رغيفا
دون أن أتيح له معرفة
القمح و الأرض و رياح أيار
تلك هي القصيدة
الثانية لإنسان بدائي
وقد كانت قصيدته الأولى
إن اِكتشف النار.