إلهي لقد مَسَّنِي مِنْ…
عِبَادِكَ ضُرٌّ كثيرْ
ولا خِلَّ لي بينهم
ولا حِصْنَ لي دونهم
ولا حَوْلَ لي كَيْ أطيرْ .
إلهي ولي صُحْبَةٌ…
في الطّريق الطّويل…
ولي إخوتي سِتَّةٌ…
رَمَوْنِي حُطامًا على…
سِكَّةٍ للقطار الأخيرْ.
إلهي لقد أوجعوا خافقي
وكم سمّموا قهوتي
وكم أوثقوا خطوتي
وكم حجرا زرعوا
في ضباب المسيرْ.
* * *
إلهي وأنت حبيبي…
أُطِلُّ عليك بقلبي الطّريّ
بحزني الجليل بِذُلِّي
بورداتيَ الذّابلات
أطلّ عليك جريحا
بسكّين أهلي
بأحبابيَ الماكرين وقد…
قتّلوا طائري
بخمسين عاما من الكَبَوات
تشرّدتُ فيها أتابع ظلّي
أطلّ عليك بأيّاميَ اليابسات
بغدر الّذين، بغدر الّلواتي…
أطلّ عليك مُريدا قديما
أطلّ عليك بِكُلِّي
فَقُلْ لِي إلهي إلَامَ ؟
أَمَوْلَايَ أرجوك قُلْ لِي.
* * *
إلهي تعبتُ كثيرا
مِنَ السّير وحديَ نحو العدمْ
فَهَبْنِي بلادًا كهذي…
بلا ساسة هُمَّجٍ
تُفَّهٍ رُكَّعٍ ساجدينْ
بلادا بلا نسوةٍ بارداتٍ
بلا أملٍ كاذبٍ
بلا شرطة فاسدينْ
بلا حاكمٍ يسجُنُ الشّمسَ
والطّيرَ والنّهرَ والحُلْمَ والأغنيهْ
بلا صُحْبَةٍ حاقدينْ
أَمولايَ هَبْنِي طريقًا
بلا عطشٍ يجرح الرّوح والأمنيهْ
بلا مطرٍ من سرابْ
بلا إخوةٍ جاحدينْ
إلهي وأنت حبيبي
تَدَبَّرْ لقلبي بلادٌا
كهذي الّتي شرّدتْ طَيْرَها لكن…
بلا عاهرينَ وتُجّار دينْ.
* * *
إلهي الّذي صاغَني مِنْ هَوَى
ومِنْ جمرةٍ لا تَلينْ
مِنَ الوَجْدِ فَرَّتْ طيوري إليك
فصاحَبْتُ قُصَّادَكَ في الدّروب
وما مِلْتُ يومًا مع المائلينْ
إلهي غَزَتْني جبال الهمومِ
ولكنّني كنتُ صَعْبًا عليها
تَسَلَّقْتُها طائرًا مُجْهَدا
أنا أوّل الواصلينْ
إلهي أنا طيّب يا حبيبي
أُحبُّ بلادي وأهلي
وما شِئْتَ أنتَ مِنَ المُرسَلينْ
وأكتبُ شِعرًا حزينًا
عَنِ الصّبْرِ والقهرٍ والجمرِ…
والشّوقِ والدّمعِ والرّاحلينْ
وأسألُ كيف مضتْ…
في السّراب الأماني ؟
وأُحْصِي السّنينَ الّتي انْفَرَطَتْ
وقُطعان صَحْبِي ؟
وكيف غفلتُ مع الغافلينْ ؟
إلهي تكبّدتُ سِربًا مِنَ العاشقات
كَلَيْلَى وسُعْدَى ، مَيارَى وفاطمة وحنان
وصَفًّا طويلًا مِنَ الشّعراءِ الحَزانَى
وعانيتُ “صبرًا جميلًا” على القاتلينْ
إلهي تمدَّدتُ حتّى غَدَوْتُ طريقا
يُعَبِّدُهُ الشَّوْكُ والدَّمْعُ و “الْأَرْذَلونَ”
وأَنْفَقْتُ عُمْري على “الأسْفَلينْ”
إلهي تعبتُ كثيرًا…
وإنّي أحبّكَ فاسْحَبْ…
خُطايَ بعيدًا عَنِ الشِّعْرِ
والنَّثْرِ والنَّهْيِ والأَمْرِ
وعَنْ زُمْرَةِ الفاشلينْ.
* * *
إلهي كَبُرْتُ كثيرا…
تقدّمتُ في الحزن…
خمسين عاما
وقُدْتُ شعوبًا…
من الّليل والبُومِ والخاسرينْ
إلهي كبرتُ تعبتُ تماما…
ولم يأت بَعْدُ…
قطار الأفول القديم
ولا لم يصل…
مَرْكَبُ الغابرينْ.