نشيد الريح والسيف/بقلم:علي جاسم ياسين

خرج من سجلات التاريخ،
بين حلمٍ قديمٍ وسماءٍ لا تُصغي.
سيفه صدأُ القرون، ودرعه صدى الحكايات،
لكن في صدره نارٌ لا تطفئها الحكمة.
رأى الطواحين، فظنّها عمالقة الزمان،
ورأى الريح، فحسبها تنفخ أرواح الشرّ.
ضحك العالم،
أما هو فابتسم للسراب كما لو كان وطنا.
قال لسانشو:
“اترك الركود لمن غفلت عيونهم،
أما نحن فنرى بالخيال.”
واندفع،
يطعن الهواء كمن يحرّر التاريخ،
كمن يريد للجنون أن يصبح ديانةً للقلوب.
سقط،
لكن الأرض نفسها انحنت تحت حصانه،
وقالت له الرياح: “ما أعظم أن تخسر بهذا الجلال!”
بقي في الذاكرة،
في قلب كل من ما زال يجرؤ على الحلم،
كل من يرى في الوهم طريقا إلى النور،
وفي الطاحونة تنينا ينتظر الشجاعة كي يُستيقظ.
كان يمشي في الحقول كمن يوقظ الأسطورة،
ينادي الغيمَ ليتبعه،
ويأمر الفجر أن يُعلن المعركة.
السنابل تلوّح له كجنودٍ أنهكهم الزمن،
والجبال تصغي إلى حوافر خيله،
كأنها تسمع نبوءةً منسيّة.
قالت له الظلال: “ارجع، لا مجد في الوهم!”
فردّ:
“بل الوهم مجدٌ لا يفنى،
أما اليقين، فهو قيدٌ في الحقيقة.”
في الليل، كان يُحدّث نجمةً بعيدة،
يسألها:
“هل يراني التاريخ أم يكتبني خطأً؟
هل البطولة أن تنتصر؟
أم أن تظل تؤمن رغم الهزيمة؟”
وحين سقط ثانية،
لم يسقط رجلا، بل حلما يُسلِّم رايته لقرونٍ قادمة.
ارتفعت الطواحين، كأنها تصفق له،
والريح تغنّي باسمه في لغاتٍ لا تُفهم،
لكنها تُحَسّ.
يا سيّد الحلم حين صار العالم بلا خيال،
علّمتنا أن نُهزم بكرامةٍ أبهى من كل انتصار،
وأن الحقيقة التي بلا جنون،
كالسيف في غمده.
خرج من التاريخ مرةً أخرى،
تحوم روحه بيننا في هيئة فكرةٍ،
توقظ القلوب التي خافت أن تحلم،
وتقول لها:
ما زال في الريح مكانٌ للفروسية،
وما زال في الإنسان مساحةٌ للجنون الحالم.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!