ينطقون اسمكِ/بقلم:زكريا الغندري

ينطقون اسمكِ بعفويةٍ لا تشبه العفوية،
يكتبونه بلا قصد،
ويمدحون الجمال كأنهم يصفون شيئًا لا يعرفون أنه أنتِ،
فأرتبك…
ويخفق القلب كجناحٍ اصطدم بضوءٍ مفاجئ،
وأبتسم كمن يخفي جرحًا شهيًّا.

ينطقون اسمكِ،
يرددونه بحلاوةٍ لا تحتمل،
كل صباحٍ مع زقزقة العصافير،
وأنتِ – يا امرأة الضوء – تقطفين القصائد من هواء الله
وتزجينها في ضحكة خجلٍ بلا ملامح
إلا ما تركتهُ ذاكرتي عليكِ من ظلالٍ وندى.

في شروقٍ مبلولٍ بإيمان المطر،
تشرقين أنتِ…
في اليقظة والحلم،
كنشيدٍ وطنيٍّ بلا موسيقى
يعلو في طابور الصباح
لمجرّد مرورك.

كل النهار لكِ،
وحين تقفين بلا انتظار
تصبحين معنى فاتنةٍ في مقتبل المقيل،
وتمهيدًا لطقوس المساء
كأن المساء يضع كحله لأنكِ تقتربين.

الجميع ينطقون اسمك،
وأنا أتهجّاكِ بخوف،
أرددك لألا أفقدك،
أرددك كمن يتشبث بحرفٍ يغرق.

كل مساء،
حين يهبط الليل
وترتّل قصائد السمر أصواتها،
يقولون اسمكِ
فأذهب كي أكتبكِ في عتمة الدجى،
فأجدني معكِ… دون أن أصل إليكِ.

في الشارع المكتظ بخطواتكِ
ينطقون اسمكِ،
وأنا أفتش كلماتهم
على رصيفٍ مبللٍ بذكرياتي،
رصيفٍ لا يسكنه شيء سواكِ.

ينطقون اسمكِ مع كل شيءٍ يأخذهم،
يمدحونه لغيركِ،
وأنا…
أتذكرك.
لا يعرفون أنهم حين يلقون اسمكِ في الهواء
يصطدم بي أولًا.

يزفرونه،
ينادونكِ في السوشال ميديا
حين تضربهم نوبة شعورٍ جميلة لا تمتّ لكِ بصلة،
فيكتبون اسمكِ حيث لا ينبغي أن يكون…
وأنا أقرؤه كأنه رسالةٌ سقطت من يدك.

ينطقون اسمكِ فأفتعل الضجيج
كي لا أسمعهم،
ثم يسكن كل شيء،
فأرتلكِ من بين أصواتهم،
أرتلكِ بخفة المذعور
الذي يخشى أن ينكسر منكِ شيءٌ في الهواء.

اسمكِ…
يا الاسم الذي طالما أحببت نُطقه،
وأتقنتُ عزفه بحروفي،
ها هو يتسرب من سديم ماءٍ جفّ،
ويبقى عالقًا في حلقي،
يرتعش صدري عند نطقكِ،
تنبثق حشرجةٌ تصبح رقرقة،
ويرفرف قلبي،
وتفيض روحي
حين ألوك اسمكِ كأنني أرتشف حياةً صافية.

ينطقون اسمكِ…
فأود لو أجيب نيابةً عنكِ،
كأن صوتي امتدادٌ لخطوتك،
وكأنكِ أنتِ المعنى،
وأنا… مجرّد مترجمٍ لوجودك.

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!