“يُحْزِنُني بُعادُكَ“
شَقَّ الفَجْرُ الغامِقُ نورَهُ وأَنا في شُرْفَتي أُصارِعُ وِحْدَتي الصَّاخِبَةَ
ومِنْ حَوْلي بَعْضُ قَطَراتٍ مِنَ الغَيْثِ وحبَّاتِ بَرَدٍ وضبابٌ يَكْسو زُجاجَ نافِذَتي
وشَفَتاي المُتَشَقِّقَتانِ أًعُضُّ عَلَيْهِما مِنْ غَيْظي
والعَصافيرُ الشَّارِدَةُ مِنْ غُصْنٍ إلى غُصْنٍ تُرْبِكُني
زَقْزَقاتُها ورَجْفَةُ أَجْنُحِها
وحَفيفُ الشَّجَرِ أَلْمَسُهُ يَقْصِفُ دقائِقَ وُقوفِي في انْتِظارِ طَقْطَقَةِ خُطُواتِِكَ
فتِلْكَ اللَّحْظَةُ المَدْفونَةُ تَحْتَ ضِرْسِ اللِّقاءِ تَخَيَّلْتُها أَجْملَ اللَّحَظاتِ وأَعْذَبَها ،فيها تَقاسيمُ قَلْبِكَ تَتَمَلَّكُني وعلى حوافي الشَّوقِ تَبْذُرُني.
يا حبيبي..
يُحْزِنُني بُعادُكَ !
فقد تَرَكْتَ لي روحًا أَعْشَقُ تَفاصيلَها..
هنا على كوبِ القَهْوَةِ
مع رائِحَة النَّرْجِسِ الحَزينِ تَتَعَمْشَقُ ذاكِرَتي وهَذَيانُ الياسَمينِ يَشْهَدُ على ثَغْرَيْنا كَيْفَ يَتوقانِ في غِيابِ مَلامِحِنا.
….
كُلُّ شَيْءٍ مُخْتَلِفٌ وأَنْتَ لَسْتَ في حِضْني
أَيْنَ أَنْتَ لِتَشُدَّ على نَبْضي ، تَحْتَوِيني تَحْتَ عَباءَتِكَ وتَتَحَسَّسُ لَهْفَتي الصَّامِتَةَ، تحيطُ بخاصِرَتي أَنامِلُك،
تَتَذَوَّقُ من أَنْفاسي رَشْفَةً يَغْنُجُ لها كُلُّ كُلِّي..
نَخْتَلِقُ الدِّفْءَ ونَغْرَقُ لَهْفَةً لن نُدْرِكَها بَعْدُ.
فعلى قارِعَةِ اللِّقاءِ نَدَعُ قُبُلاتٍ ساخِنَةً لِأَرْواحِ عُشّاقٍ
يَلْمِسونَ دِفْء أَثَرِنا
ونَتْرُكُ وَعْدًا بِأَنَّ الحُبَّ عَميقٌ
لا يغيبُ وَلَنْ تَخْتَفيَ عَنِ الأرائِكِ رائِحَةُ عِطْرِنا.
فإِنْ عزَّ عليكَ
اللِّقاءُ دَعْني أَبوحُ لِلسَّرابِِ مَدى اشْتِياقي وأُدَنْدِنُ أُغْنِيَةً كنّا نَتَراقَصُ على أَنْغامِها
كَفراشَتَيْنِ تَلاقَتا على خدِّ الياسمينة.
….