سررت كثيرا وأنا أتصفح هذان النصان والموسومان ب( جاشت رؤاك) و ( على شفة الناي) للشاعر المبدع والأجد صالح حمود قاسم والمليئان بالصور الجمالية والفنية والتقنية السردية بالتناص الشعري والتجربة الشعرية الكاشفة في أسرار العشاق والمحبين والتي تشكل المدخل الرئيس للشاعر صالح حمود قاسم بعد الطمأنينة والتحرر من رغائب الشهوات في مكاشفة الأسرار إلخ بواسطة العقل والقلب والتي تذكرنا في أساطين شعرائه المتصوفة من أمثال ( محي الدين بن عربي) و ( أبن الفارض) و ( الحلاج) و( رابعةالعدوية) و ( السهروردي) إلخ
والمليئة بالزهد والتصوف المنسل في بيان السحر البلاغي وموسيقا الفلسفة الشعرية المهموس بالمعاني والأنساق الشعرية المرهفة بالعواطف الصادقة ذات الجرس الموسيقي والمضامين الفكرية والإنسانية الطافحة في رؤاها ومحتواها البنائي المموسق في هذان النصان الأبداعيان إلخ
أقول هذا الكلام كوني أقف أمام نصان ينماز كلا منهما عن النص الآخر بإيقاعاته المتميزة الخاصة في تجربته الشعرية فالشاعر صالح حمود قاسم شاعر يتسم شعره بالجمال الموسيقي الأبداعي والبناء الشعري المتماسك في مضامينة وأستيعابة الأمثل لقضايا الشعر والأبداع المتجذر في أصول التجارب الشعرية والقضايا الإنسانية لنقرأ:
( جاشت رؤاك
وجاش بي زمن القوافي
إلى غد فيك أراه أذ أراك
زمن لأسراء نشيد الروح
في مداك
هل نحن ‘ نحن؟ إلخ )
في هذان النصان المتقاربان يضعنا الشاعر صالح حمود قاسم أمام السؤال الشعري الحداثي لحظة كتابته لهذان النصان المتقاربان والمحمل بالحداثة النصية الشعرية ومدلول القول الشعري والعواطف الجياشة والتي تشئ في لغة شاعرية منغمة في موسيقا الكلمات وبالعزف ( على شفة الناي) وأنتيالاتها ودلالاتها المخاطبة لذلك الصوت المنغم والعازف إلخ
وقد تمثل ذلك التجاور الزمكاني في التناص ودلالاته الواعية في بناء هذان النصان الشعريان المتقاربان في المشاعر الطبيعية والعازفة ( على شفة الناي) ومعسولة في تغاريد الكلام بالتغني في الحب والجمال والأشواق الصافية النقية كنقاء قلب الشاعر صالح حمود قاسم الرابطة بين النصان والمتلقيان وهنا يكمن مربط الفرس في أعادة تشكيل هذه الرؤى اللامتناهية وناياها العازفة وموسيقاها الجميلة الجياشة المتشابكة بالعواطف والعصف الذهني
حيث تبرز هذه الصور الفنية والجمالية متتالية قائمة بذاتها مثل 🙁 الحروف العاشقات) و( الفضاء العاطفي) و ( عناقيد الكلام) و(هديل الهمس) و( تلاوات الحمام) إلخ
ونقرأ كذلك ( الليل النائم في الشعر) و( الصدر الضياء) و ( مرايا الوجود الناعس) إلخ
لذلك الشاعر صالح حمود قاسم يقول
(هل نحن ‘ نحن ؟
دعي حنينك وعانقيني
في أحتدام
الحروف العاشقات
والفضاء العاطفي
وأتركيني سارحا بعطر حرفك
وعناقيد الكلام
وأقرأيني أول السطر رفيقا
جاء ينصب في عصور العنكبوت
لك الخيام
غدنا النشيد بعده أعماق نص
فأقرأيني هديل همس
وتلاوات حمام
هل نحن ‘ نحن؟! إلخ )
إلى ان يقول:
(خذي مسائي وأتركيني
بليل شعرك كي أنام
خذي نجوم الأمسيات !
وأتركيني هائما بضياء صدرك
بين المرايا والرخام
خذي الوجود ناعسا
حتى أفيق
بتلال مجدك كسهام
* * ** ****
جاشت رؤاك
ولي غد أراه فيك إذ أراك إلخ )
ففي هذان النصان نقرأ وصف لمواضع الفتنة والملاحة والذي يفيض بالروح الشاعرة في رقة الجمال والنظر في وصف الأشياء الجميلة بعمق الشعر والشعور ونشوة الخيال الجامح من الأحاسيس الجائلة في أيقاع المعاني والأنساق البلاغية القائمة على أستحضار البعدان الروحي والجمال الإنساني المشبعان في التجربة الشعرية للشاعر صالح حمود قاسم
وفي هذا السياق أيضا نجد أنفسنا بإن أمام شاعر حداثي متميز في تجربته الشعرية المعاصرة شاعر لديه الخبرة والأحتراف في تبئير وتأصيل أدواته الفنية والجمالية في الشعر وكيف يتحرك في سياق تجربته الشعرية ليزرع فيها مالذ وطاب من أفكاره ومشاعره الفياضة الجياشة عبر القصيدة ومن خلال هذان النصان الشعريان والرسم البياني الشعري المحكم في الشكل والمضمون ووفقا لمستويات متماسكة ومترابطة حيث نلمح ذلك الأدراك الواعي من الأحاسيس المتشابكة والتي تصف كل فكرة منها وردت من خلال شحنة من العواطف والصور وتفصح كل جزئية منها عن الصورة الأخرى وصولا الى الرؤيا التشكيلية في بناء هيكل القصيدة في هذان النصان وأطارها العام في الشكل والمضمون وتركيبها الشعري إلخ
حيث نجد ذلك الأكتمال والأستدراك النصي في هذا النص الأخر والذي جاء بعنوان: ( على شفة الناي) وبه يستدرجنا الشاعر صالح حمود قاسم والقائل فيه :
(على شفة الناي
تخضر بحة صوتك
ينبت بين مسام الكلام
المعسل باللوز عشبك
وتعشوشب الكلمات بدربي
ودربك
هو الصبح واجهة للحلم
ناي أناك الجميلة
صحوك
رضاب خوابي
نحل الهضاب السحيقة
السهول
والذاكرات الأنيقة
لهذا المدى الصهيل المؤدي
لمنحدر في أعالي الجبال
يجسر مابين
بيني وقربك إلخ )