تقنيات السرد في روايات الكاتبة هند زيتوني

آفاق حرة

كتب الدكتور سعيد حميد كاظم

والبوح هو الترجمة الحقيقية لتلك الأفكار والرؤى لتبوح المدونة السردية عن تلك المآلات بطرق مختلقة لتُشعر القارىء أنها على مقربة من ملامسة مشاعره وأحاسيسه.
لذلك أفصحت الكتابة الإبداعية عن شروعها المتميز في الكتابة وكذلك تكشف عن تمكن الروائية من أدواتها الكتابية زيادةً على اللغة الدالة والوعي الذي يترجم تفصيلات السرد ومضمراته، كذلك إنما يترجم عن ثقافة حاضرة عامة وخاصة لذاكرة الروائية وهي تنسج هذا السرد فضلا عمّا امتاز به موضوع الرواية ..
لقد كشفت الرواية عن تسلسلٍ مقصود يراد به أن تنتظم أحداث الرواية وفصولها في خيط ناظم يجمعهما بشكلٍ خفي.
لذلك كانت أغلب الأحداث تكشف عن وعي قصدي جادت به الذاكرة السردية، ومن مسوغات هذا الانتظام أن بطلة الرواية نادية تلتقي بكريم في مطار دبي على طريق المصادفة لتتلو أحداث روايتها بشكلٍ موضوعي ومن هذا الحدث المنطقي تنطلق رؤية الراوي العليم الذي يجود بأحداث ومجريات الروي لتبوح البطلة / الرواية / المؤلفة بكل ما يختلج صدور النساء من مشاعر وأحاسيس وعواطف وأمنيات تسعى لتحقيقها والمطالبة بتثبيت حقوقها الطبيعية في الحياة كإنسانة وأم وأخت وزوجة وحبيبة ،هنالك رسائل عدة ستقول بها النساء من خلال رواية ( بوح النساء ) ..
التي تدعو إلى مناصرة الحق لتنطلق الصرخة الأولى له من النساء والأطفال يرددن لا للعنف والاضطهاد وأن يتحقق العيش الكريم للانسانة التي قدمت الكثير من أجل الآخر وقد آن الأوان أن يصدح صوتها بالاستقلالية.
ولعل مما يحسب لمضمون الرواية أنها تطارد الطغيان وتسلط الأضواء على عتمة الظلم التي أرادت للمرأة أن تعيش في ظل حكم عبودي، ولعل ما حصل في أتون الحرب في مناطق النزاعات وحصرا في العراق وسوريا واليمن وليبيا، يكشف بجلاء القهر والظلم الذي اقدمت عليه عصابات داعش الإجرامية ومن كان يقف خلفها، وبهذا فإنّ التعالق النصي بين الذات والآخر هو ثيمة جمالية إذ”إن الرواية العربية في بداية الألفية الثالثة يسكنها توجه جمالي مختلف، قوامها إنصات مرهف للذات وسبر لأغوارها، ومساءلة تشظياتها، وآثار ذلك على الهوية في عالم مفتوح، لا يكف عن التغير والتبدل بوتيرة متسارعة”.
إن ما يترشح من الرواية ثمة لقاء بين نادية وكريم ينجم عنه بوح لمشاعر إنسانية صادقة، عمدت الروائية الى جعل النص السردي يأخذ مساره في البوح، لذلك تذكر:
تقول نادية : كنت ضمنا أشعر بسعادة غامرة ، وكنت أنا المحظوظة من بين المسافرين !
أسرت لنفسي بلحظة وأنا أرتعش من الداخل هل يعقل هذا ؟ والقدر يرتب لي موعدا معه على الفور بعد كل تلك السنين ..؟
يا الهي … يجب أن أبدو طبيعية جدا لكي لا ينتبه.؟
ليأخذ هذا البوح الأول ترانيم أخرى على قارعة طريق البوح الثاني والثالث و…
حتى يصل إلى أعلى خطواته الكاشفة عن مضمرٍ له أن يتسيد في واقع يرفض ولادته.
وبهذا فقد جسّت رؤيتها معالم الهوية وأثبتت وجود الألم في قبالة انبعاث الثورة، لذلك ركّز النص السردي على ظلال المنطقة المعتمة، موضحةً ما أندغم فيها من تشظيات ورؤى أسهمت في بلورة قوى داخلية بوسعها أن تحرك القوى الخارجية، ليسيرا معا في حركة دائرية تبدأ من المالانهاية وتنتهي بالمالانهاية، حتى أكمنت تلك اللحظة في المالانهاية، وبهذا وسمت نصّهابالتأمل، ووشّحته بالحقائق الفلسفية لتعبر عن كنينونة الأشياء.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!