حتى تحترق النجوم” للدكتور هاني حجَّاج: رحلة بين غموض الواقع ورُعب أحلام اليقظة

 لصحيفة آفاق حرة 

 بقلم: زينب علي البحراني – السعودية

 سهلٌ ممتنعٌ ودسمٌ خفيف، يجمع بين عُمق المضمون واللغة المُبسطة التي تتخذها أفكاره جسرًا للعبور إلى عقل القارئ ومشاعره، ومع كونه يُمثل الإصدار الرابع من سلسلة “خوف” التي أطلقتها “الشركة العربية الحديثة” للطبع والنشر والتوزيع في مصر موجهة للقراء الشباب؛ يستوقفنا مضمونه الناضج الموجه لجميع الراشدين من هواة الغوص في عالم الرُّعب دون استثناء.

“حتى تحترق النجوم” للأديب الدكتور “هاني حجاج”؛ عملٌ يجمع بين فن القصة والقصة القصيرة والرواية التي أبدعها قلمه، والنص الشعري الذي جادت به قريحته، والمقالات السينمائية والأدبية التي نرى من خلالها مستوى ثقافته الرفيع، وبضع نصوص أدبية ترجمها قلمه لنُخبة من المُبدعين بلغة أخرى، يجمعها كلها رابط “الرعب”.

يدخل القارئ المجموعة من بوَّابة عالم السحر في عصر الفراعنة بين سطور قصة “صانع الدمى وفرعون الآخر”، ثم ينتقل منها إلى سحر اللمسة الفنية في مقال “الرجل الطائر”، وإذا بمؤلف الكتاب يقفز برشاقة قلمه إلى مقالٍ عن رواية “السنجة” للدكتور خالد توفيق الذي تغترف بعض المقتبسات من أعماله نصيبًا آخر من الكتاب تحت عنوان: “وقال العرَّاب”، وسرعان ما يغوص بنا الكتاب في عوالم الغموض عند الأديب “إدجار آلان بو” بترجمة ثلاث من قصصه، هي: “الرجل الذي تم استهلاكه”، “قناع الموت الأحمر”، و” أغدًا ألقاك؟” حيثُ تختلط أحلام اليقظة بغموض الواقع، ويستمر هذا الاختلاط المُرعب في القصائد المُترجمة بعنوان: ” نبؤات نوستر داموس – التهديدات”، وأخيرًا تكتمل سلسلة الرعب المُترجم بقصة “كاري” لستيفن كنج.

ما أن يُصافح القارئ ببصره مقال “لمسة رعب في الغرب” حتى تعود به الذاكرة إلى رحلته بين سطور كتاب آخر للمؤلف هو “اللهم إني ناقد”، ويستيقن من صدق ذاكرته أمام كل من مقال “رعب كلاسيكي لصلاح أبو سيف”،  ومقال “حمامةٌ جلست على غُصن تتأمل في الوجود”، ثم مقال “ومن الضحك ما قتل”، وصولاً إلى أحد أكثر المقالات إبداعًا عن مُناقشة الرعب في الإبداع الأدبي والسينمائي تحت عنوان: “أقنِعة الرُّعب”، لكن مقال “شهرزاد” بعُمقه التحليلي في تلك الشخصية وأبعادها الأدبية والتاريخية يسود الجميع ويتفوق بمذاقه الفلسفي على بقية المقالات، سارقا من شهرزادِه الخالِدة ومضة من حيلتها السردية الأبديَّة بقدرته الاستثنائية على إغواء عقل القارئ قبل الهيمنة على مشاعره.

من إبداع الترجمة، إلى إبداع المقالات التي تُحلل إبداع القلم وإبداع الشاشة السينمائية، وصولاً إلى إبداعه الأصيل بثلاث قصص غرائبيَّة قصيرة حملت عناوين “صانع الدمى وفرعون الآخر”، “يأس”، و”يا ألطاف الله”، تُنافسها تسعة نصوص شِعرية حُرة هي: “أنشودة الظلام – أغاني الخوف”، “الخوف”، “حديث الكلمات المكتوبة”، “العاشقان”، “الأم”، “شتاء”، “بالصمت نملك الكلمات”، “الدعوة”، “تغييب”، تليها ثمانٍ وأربعين قصة قصيرة جدًا بدءًا بـ “القصير المكير”، مرورًا بـ “قاف”، “قُبلة”، “قبل الميلاد”، “كلوز آب”، “قابيل”، “أنياب”، “الغُرباء”، “إيكاروس”، “غرابة”، “أصل وفصل”، “الميت الحي”، “العصابة”، “بؤرة نحس”، “النصر أو الشهادة”، “الفأر”، “غدًا تتفتح الزهور”، “لولا هذا الولد المُزعِج”، “في الميعاد”، “شاعري”، “المُلهِمة”، “سوبر مون”، “فريندزون”، “المربوط”، “الجنيَّة”، “خيانة”، “القضية”، “الوباء”، “بيرومانيا”، “الملل كيس رمل”، “حبيبتي”، “تنبيه”، “السلف تلف”، “سُكارى”، المُهندس”، “33”، “جوف السر”، “عبقري”، “الأرقام”، “أحمر”، “أديب”، “انعكاس”، “لوليتا”، “سعيد الحظ”، “إنذار”، “توصيلة”، “تيس”، وانتهاءً بأقصوصة “ق ق ق ق”.

ما أن يصل القارئ إلى ما كان يظنه آخر حجرات الرعب، رواية “حتى تحترق لنجوم”؛ لتخرج له من إحدى زواياها كفًا تجذبه نحو جُزءٍ قادمٍ من الكتاب لاستكمال رحلة الغموض مع ما تبقى من أحداثها المجهولة، فالرعب يأتي دائمًا على غير توقُّع، وتظل بقاياه مُختبئة حيثما لا يُمكن توقعه.

 

 

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!