دموع الأنوثةالشّعر هو ذاك الكائن الغريب كأشكال الآلهة والشفاف كصدى أرواحهم في ذاكرتنا العميقة.
الشّعر هو بمثابة بوابة الروح نحو تحجيم سطوة الجسد على أرواحنا التي أصابها الوهن.
هنا سنتناول الخطاب الشعري للُّبنانية سميحة عطية عبر نصها الموسوم ” سأرتدي الأسود”
سنحاول من خلال النص معانقة الكائن الشعري بجسده وروحه.
لنقرأ النص معاً:
سأرتدي الأسود ..
وسأفرد لك شعري ..
لا تأخذ مشطي القديم ..
فكلُّ تسريحة في شعري ..
تذْكرةُ سفرٍ ..
عبر الزمن ..
أتذْكُر :
عندما كانت أصابعك..
تعقد جديلتي ..
وتُرتَب خُصُلات ضياعي ..
عندها..
كنت أعشقُ صمتي ..
أخفي الكثير من ضجيج حنيني إليك..
وأبتسم ..
ليعرف العابرون ..
بأني كنت معك ..
لأنهم سيروك ..
بملامحي ..
وبعطر أنفاسك ..
رائحة جسدِك ..
ما زالت ..
تُعطَرُ وسادتي ..
ألمْ أقُلْ لك ..
بأنني مصابةٌ بداءِ العشق
هات دوائي لأشفى ..
أكرهُ الفراق معك ..
أوْ ..
من دونك ..
أنا مشتاقة..!!!
سميحة عطية
هنا لنأخذ صورة شعرية من النص:
“فكلُ تسريحة في شعري تذكرةُ سفر”
هنا تخاطب الشاعرة حبيبها عبر تشبيه بليغ فكل تسريحة شعر هي بمثابة تذكرة سفر صوب عالمه، أي أن الشاعرة تبحث لتؤكد بأن جُل اهتمامها بأنوثتها تنبع وتصب في خانة خلق ما يُريح الحبيب، وأنها تحاول أن تغير تسريحاتها كي تخلق لديه الشغف من خلال التجديد، فعندما تقول: كل تسريحة.. أي ثمة عدة تسريحات كي تكون عدة تذاكر للسفرِ نحو الحبيب.
لنتناول صورة شعرية أخرى:
” عندما كانت أصابعكَ
تعقد جديلتي
وترتبُ خصلات ضياعي”
هنا تواظب شاعرتنا في تمتين العلاقة مع حبيبها عندما تقول أصابعك كانت تداعب شعري وتبدع في هندسة جديلتي.. يا الله ما أعظم الحب.
لتتابع” وترتب خصلات ضياعي”
هنا ثمة تشبيه جاذب عبر خصلات شعرها التي شبهتها بتشابه حظوظها التي تضيع في مسارات متوازية وبذات الأخطاء والتي قد تكون نتيجة صفاء القلب.
الشاعرة المائزة سميحة عطية ومن خلال نصها: “سأرتدي الأسود” قدمت لنا وجبة جمالية تستحق القراءة كل يوم.
الشعر هو بمثابة ترميم لمشاعرنا في ظل الضجيج المنبعث من الحياة الحديثة.
